وَمِنْ طَرِيقِ عُرْوَةَ بْنِ عَمْرٍو الْفُقَيْمِيِّ عَنْ أَبِي طَالِبٍ: سَمِعْتُ ابْنَ أَخِي الْأَمِينَ يَقُولُ: ((اشْكُرْ تُرْزَقْ، وَلَا تَكْفُرْ فَتُعَذَّبْ)) ، وَلَكِنْ كُلُّ هَذَا لَا يَصِحُّ.
وَ (كَذَا) يُقْبَلُ عِنْدَهُمْ فَاسِقٌ تَحَمَّلَ فِي حَالِ فِسْقِهِ ثُمَّ زَالَ وَأَدَّى مِنْ بَابِ أَوْلَى، وَ (صَبِيٌّ حُمِّلَا) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ فِي حَالِ صِغَرِهِ سَمَاعًا أَوْ حُضُورًا (ثَمَّ رَوَى بَعْدَ الْبُلُوغِ) ، وَكَذَا قَبِلَهُ عَلَى وَجْهٍ وَصَفَهُ الْبُلْقِينِيُّ بِالشُّذُوذِ، قَدَّمْتُ حِكَايَتَهُ فِي أَوَّلِ فُصُولِ مَنْ تُقْبَلُ رِوَايَتُهُ وَمَنْ تُرَدُّ.
(وَ) لَكِنْ قَدْ (مَنَعْ قَوْمٌ) الْقَبُولَ (هُنَا) أَيْ: فِي مَسْأَلَةِ الصَّبِيِّ خَاصَّةً، فَلَمْ يَقْبَلُوا مَنْ تَحَمَّلَ قَبْلَ الْبُلُوغِ ; لِأَنَّ الصَّبِيَّ مَظَنَّةُ عَدَمِ الضَّبْطِ، وَهُوَ وَجْهٌ لِلشَّافِعِيَّةِ، وَعَلَيْهِ أَبُو مَنْصُورٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْذِرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمُرَاكِشِيُّ الْفَقِيهُ الشَّافِعِيُّ.
فَحَكَى ابْنُ النَّجَّارِ فِي تَرْجَمَتِهِ مِنْ تَأْرِيخِهِ أَنَّهُ كَانَ يَمْتَنِعُ مِنَ الرِّوَايَةِ أَشَدَّ الِامْتِنَاعِ، وَيَقُولُ: مَشَايِخُنَا سَمِعُوا وَهُمْ صِغَارٌ لَا يَفْهَمُونَ، وَكَذَلِكَ مَشَايِخُهُمْ، وَأَنَا لَا أَرَى الرِّوَايَةَ عَمَّنْ هَذِهِ سَبِيلُهُ.
وَكَذَا كَانَ ابْنُ الْمُبَارَكِ يَتَوَقَّفُ فِي تَحْدِيثِ الصَّبِيِّ.
فَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ بْنِ عَرَفَةَ قَالَ: قَدِمَ ابْنُ الْمُبَارَكِ الْبَصْرَةَ، فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ وَسَأَلْتُهُ أَنْ يُحَدِّثَنِي، فَأَبَى وَقَالَ: أَنْتَ صَبِيٌّ. فَأَتَيْتُ حَمَّادَ بْنَ زَيْدٍ فَقُلْتُ: يَا أَبَا إِسْمَاعِيلَ، دَخَلْتُ عَلَى ابْنِ الْمُبَارَكِ فَأَبَى أَنْ يُحَدِّثَنِي، فَقَالَ: يَا جَارِيَةُ، هَاتِي خُفِّي وَطَيْلَسَانِي، وَخَرَجَ مَعِي يَتَوَكَّأُ عَلَى يَدِي حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى ابْنِ الْمُبَارَكِ، فَجَلَسَ مَعَهُ عَلَى السَّرِيرِ وَتَحَدَّثَا سَاعَةً، ثُمَّ قَالَ لَهُ حَمَّادٌ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَلَا تُحَدِّثُ هَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute