للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«بِأَنَّ جُبَيْرَ بْنَ مُطْعِمٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي فِدَاءِ أُسَارَى بَدْرٍ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ، فَسَمِعَهُ حِينَئِذٍ يَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ بِالطُّورِ، قَالَ جُبَيْرٌ: " وَذَلِكَ أَوَّلُ مَا وَقَرَ الْإِيمَانُ فِي قَلْبِي» .

وَفِي لَفْظٍ: " فَأَخَذَنِي مِنْ قِرَاءَتِهِ الْكَرْبُ وَفِي آخَرَ: " فَكَأَنَّمَا صُدِعَ قَلْبِي حِينَ سَمِعْتُ الْقُرْآنَ "، وَكَانَ ذَلِكَ سَبَبًا لِإِسْلَامِهِ، ثُمَّ أَدَّى هَذِهِ السُّنَّةَ بَعْدَ إِسْلَامِهِ، وَحُمِلَتْ عَنْهُ.

وَكَذَلِكَ رُؤْيَتُهُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاقِفًا بِعَرَفَةَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ، وَنَحْوُ تَحْدِيثِ أَبِي سُفْيَانَ بِقِصَّةِ هِرَقْلَ الَّتِي كَانَتْ قَبْلَ إِسْلَامِهِ. بَلْ عِنْدَنَا لَوْ تَحَمَّلَ الْكَافِرُ وَالصَّبِيُّ شَهَادَةً، ثُمَّ أَدَّيَاهَا بَعْدَ زَوَالِ الْمَانِعِ قُبِلَ أَيْضًا، سَوَاءٌ سَبَقَ رَدُّهُمَا فِي تِلْكَ الْحَالَةِ أَمْ لَا. نَعَمْ، الْكَافِرُ الْمُسِرُّ كُفْرَهُ لَا تُقْبَلُ مِنْهُ إِذَا أَعَادَهَا فِي الْأَصَحِّ ; كَالْفَاسِقِ غَيْرِ الْمُعْلِنِ.

قَالَ الْخَطِيبُ: وَإِذَا كَانَ هَذَا جَائِزًا فِي الشَّهَادَةِ فَهُوَ فِي الرِّوَايَةِ أَوْلَى ; لِأَنَّ الرِّوَايَةَ أَوْسَعُ فِي الْحُكْمِ مِنَ الشَّهَادَةِ، مَعَ أَنَّهُ قَدْ ثَبَتَتْ رِوَايَاتٌ كَثِيرَةٌ لِغَيْرٍ وَاحِدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ كَانُوا حَفِظُوهَا قَبْلَ إِسْلَامِهِمْ، وَأَدَّوْهَا بَعْدَهُ - انْتَهَى.

وَمِنْ هُنَا أَثْبَتَ أَهْلُ الْحَدِيثِ فِي الطِّبَاقِ اسْمَ مَنْ يَتَّفِقُ حُضُورُهُ مَجَالِسَ الْحَدِيثِ مِنَ الْكُفَّارِ رَجَاءَ أَنْ يُسْلِمَ وَيُؤَدِّيَ مَا سَمِعَهُ، كَمَا وَقَعَ فِي زَمَنِ التَّقِيِّ ابْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>