وَالْحَاصِلُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْخَلِيلِيَّ يُسَوِّي بَيْنَ الشَّاذِّ وَالْفَرْدِ الْمُطْلَقِ، فَيَلْزَمُ عَلَى قَوْلِهِ أَنْ يَكُونَ فِي الشَّاذِّ الصَّحِيحُ وَغَيْرُ الصَّحِيحِ، فَكَلَامُهُ أَعَمُّ، وَأَخَصُّ مِنْهُ كَلَامُ الْحَاكِمِ ; لِأَنَّهُ يُخْرِجُ تَفَرُّدَ غَيْرِ الثِّقَةِ، وَيَلْزَمُ عَلَى قَوْلِهِ أَنْ يَكُونَ فِي الصَّحِيحِ الشَّاذُّ وَغَيْرُ الشَّاذِّ، وَهُوَ مَا لَا يَكُونُ فَرْدًا [وَهُوَ مَا لَا يَكُونُ فَرْدًا] ، بَلِ اعْتَمَدَ ذَلِكَ فِي صَنِيعِهِ ; حَيْثُ ذَكَرَ فِي أَمْثِلَةِ الشَّاذِّ حَدِيثًا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ مِنَ الْوَجْهِ الَّذِي حَكَمَ عَلَيْهِ بِالشُّذُوذِ.
وَأَخَصُّ مِنْهُ كَلَامُ الشَّافِعِيِّ لِتَقْيِيدِهِ بِالْمُخَالَفَةِ، مَعَ كَوْنِهِ يَلْزَمُ عَلَيْهِ مَا يَلْزَمُ عَلَى قَوْلِ الْحَاكِمِ، لَكِنَّ الشَّافِعِيَّ صَرَّحَ بِأَنَّهُ مَرْجُوحٌ، وَأَنَّ الرِّوَايَةَ الرَّاجِحَةَ أَوْلَى، وَهَلْ يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ عَدَمُ الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِالصِّحَّةِ؟ مَحَلُّ تَوَقُّفٍ، أُشِيرَ إِلَيْهِ فِي الْكَلَامِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَإِنَّهُ يَقْدَحُ فِي الِاحْتِجَاجِ لَا فِي التَّسْمِيَةِ، وَيُسْتَأْنَسُ لِذَلِكَ بِالْمِثَالِ الَّذِي أَوْرَدَهُ الْحَاكِمُ مَعَ كَوْنِهِ فِي الصَّحِيحِ، فَإِنَّهُ مُوَافِقٌ عَلَى صِحَّتِهِ، إِلَّا أَنَّهُ يُسَمِّيهِ شَاذًّا، وَلَا مُشَاحَّةَ فِي التَّسْمِيَةِ.
[الرَّدُّ عَلَى الْحَاكِمِ وَالْخَلِيلِيِّ] (وَ) لَكِنْ (رَدَّ) ابْنُ الصَّلَاحِ (مَا قَالَا) أَيِ: الْحَاكِمُ وَالْخَلِيلِيُّ (بِفَرْدِ الثِّقَةِ) الْمُخَرَّجِ فِي كُتُبِ الصَّحِيحِ الْمُشْتَرَطِ فِيهِ نَفْيُ الشُّذُوذِ، لِكَوْنِ الْعَدَدِ غَيْرَ شَرْطٍ فِيهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، بَلِ الصِّحَّةُ تُجَامِعُ الْغَرَابَةَ.
وَأَمْثِلَةُ ذَلِكَ فِيهَا كَثِيرَةٌ ; (كَـ) حَدِيثِ ( «النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الْوَلَا» ) بِالْقَصْرِ لِلضَّرُورَةِ (وَالْهِبَةِ) ; فَإِنَّهُ لَمْ يَصِحَّ إِلَّا مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، حَتَّى قَالَ مُسْلِمٌ عَقِبَهُ: النَّاسُ كُلُّهُمْ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عِيَالٌ عَلَيْهِ، وَحَدِيثُ ابْنِ عُيَيْنَةَ الْمُخَرَّجُ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ الشَّاعِرِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute