قَالَ لَهُ: وَمَا يُنْتَفَعُ بِقَوْلِ فِطْرٍ " ثَنَا " عَطَاءٌ، وَلَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ. وَقَالَ ابْنُ عَمَّارٍ عَنِ الْقَطَّانِ: كَانَ فِطْرٌ صَاحِبَ ذِي سَمِعْتُ سَمِعْتُ، يَعْنِي أَنَّهُ يُدَلِّسُ فِيمَا عَدَاهَا، وَلَعَلَّهُ تَجَوَّزَ فِي صِيغَةِ الْجَمْعِ فَأَوْهَمَ دُخُولَهُ.
كَقَوْلِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ: " خَطَبَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ " وَ " خَطَبَنَا عُتْبَةُ بْنُ غَزْوَانَ " وَأَرَادَ أَهْلَ الْبَصْرَةِ بَلَدِهِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِهَا حِينَ خُطْبَتِهِمَا، وَنَحْوُهُ فِي قَوْلِهِ: " حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ " وَقَوْلِ طَاوُسٍ: " قَدِمَ عَلَيْنَا مُعَاذٌ الْيَمَنَ ".
وَأَرَادَ أَهْلَ بَلَدِهِ، فَإِنَّهُ لَمْ يُدْرِكْهُ، كَمَا سَيَأْتِي الْإِشَارَةُ لِذَلِكَ فِي أَوَّلِ أَقْسَامِ التَّحَمُّلِ، وَلَكِنَّ صَنِيعَ فِطْرٍ فِيهِ غَبَاوَةٌ شَدِيدَةٌ يَسْتَلْزِمُ تَدْلِيسًا صَعْبًا، كَمَا قَالَ شَيْخُنَا، وَسَبَقَهُ عُثْمَانُ بْنُ خُرَّذَاذَ، فَإِنَّهُ لَمَّا قَالَ لِعُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ: إِنَّ أَبَا هِشَامٍ الرِّفَاعِيَّ يَسْرِقُ حَدِيثَ غَيْرِهِ وَيَرْوِيهِ، وَقَالَ لَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ: أَعَلَى وَجْهِ التَّدْلِيسِ أَوْ عَلَى وَجْهِ الْكَذِبِ؟ قَالَ: كَيْفَ يَكُونُ تَدْلِيسًا وَهُوَ يَقُولُ: ثَنَا؟ ! وَكَذَا مَنْ أَسْقَطَ أَدَاةَ الرِّوَايَةِ أَصْلَا مُقْتَصِرًا عَلَى اسْمِ شَيْخِهِ، وَيَفْعَلُهُ أَهْلُ الْحَدِيثِ كَثِيرًا، وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ - وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي التَّمْثِيلِ لِتَدْلِيسِ الْإِسْنَادِ - مَا قَالَ عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ: كُنَّا عِنْدَ ابْنِ عُيَيْنَةَ فَقَالَ: الزُّهْرِيُّ، فَقِيلَ لَهُ: حَدَّثَكَ الزُّهْرِيُّ؟ فَسَكَتَ، ثُمَّ قَالَ: الزُّهْرِيُّ، فَقِيلَ لَهُ: أَسَمِعْتَهُ مِنَ الزُّهْرِيِّ؟ فَقَالَ: لَا، لَمْ أَسْمَعْهُ مِنَ الزُّهْرِيِّ، وَلَا مِمَّنْ سَمِعَهُ مِنَ الزُّهْرِيِّ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute