وَبَلَغَنَا أَنَّ لِأَبِي حَاتِمِ بْنِ حِبَّانَ الْبُسْتِيِّ فِيهِ كِتَابًا، وَمِنْ وَجْهٍ آخَرَ يَصْلُحُ أَنْ يُجْعَلَ قِسْمًا مِنْ أَقْسَامِهِ، يَعْنِي كَمَا سَلَكَهُ مُصَنِّفُو الْكُنَى، حَيْثُ جَمَعُوا مَنْ عُرِفَ بِالْكُنْيَةِ وَمَنْ عُرِفَ بِالِاسْمِ، وَتَبِعَهُمُ النَّاظِمُ، وَكَذَا قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: إِنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا النَّوْعُ - يَعْنِي مَنِ اشْتُهِرَ بِالِاسْمِ - قِسْمًا عَاشِرًا لِلْأَقْسَامِ الْمَذْكُورَةِ.
الْقِسْمُ الْأَوَّلُ مِنَ الْعَشَرَةِ وَهُوَ قِسْمَانِ: (مَنِ اسْمُهُ كُنْيَتُهُ انْفِرَادَا) ; أَيْ: لَيْسَ لَهُ كُنْيَةٌ وَلَا اسْمٌ غَيْرُهَا، (نَحْوُ أَبِي بِلَالٍ) الْأَشْعَرِيِّ الرَّاوِي عَنْ شَرِيكٍ وَغَيْرِهِ ; فَإِنَّهُ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: لَيْسَ لِي اسْمٌ، اسْمِي وَكُنْيَتِي وَاحِدٌ. وَمَا قِيلٌ مِنْ أَنَّ اسْمَهُ مُحَمَّدٌ، فَشَاذٌّ، وَنَحْوُ أَبِي حُصَيْنِ بْنِ يَحْيَى بْنِ سُلَيْمَانَ الرَّازِيِّ، رَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ، مِنْهُمْ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ، وَسَأَلَهُ هَلْ لَكَ اسْمٌ؟ فَقَالَ: لَا، اسْمِي وَكُنْيَتِي وَاحِدٌ. قَالَ: فَقُلْتُ لَهُ: أَنَا أُسَمِّيكَ عَبْدَ اللَّهِ. فَتَبَسَّمَ، وَمَا وَقَعَ فِي تَرْجَمَةِ الْحَسَنِ بْنِ الْعَبَّاسِ الْمُقْرِئِ مِنَ الْمُعْجَمِ الصَّغِيرِ لِلطَّبَرَانِيِّ مِنْ أَنَّ اسْمَ أَبِي حُصَيْنٍ يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ فَوَهْمٌ، فَيَحْيَى إِنَّمَا هُوَ اسْمُ أَبِيهِ، وَكَذَا ذُكِرَ مِنْ أَمْثِلَةِ هَذَا الْقِسْمِ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ الْمُقْرِئُ رَاوِي قِرَاءَةِ عَاصِمٍ ; لِقَوْلِهِ: لَيْسَ لِي اسْمٌ غَيْرُهُ، وَسَأَلَهُ ابْنُهُ إِبْرَاهِيمَ لَمَّا نَزَلَ بِهِ الْمَوْتُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: يَا بُنَيَّ، إِنَّ أَبَاكَ لَمْ يَكُنْ لَهُ اسْمٌ، وَإِنَّهُ لَمْ يَأْتِ فَاحِشَةً قَطُّ، وَيَخْتِمُ الْقُرْآنَ مُنْذُ ثَلَاثِينَ سَنَةً، كُلَّ يَوْمٍ مَرَّةً. وَلِذَا لَمَّا سَأَلَ أَبُو حَاتِمٍ ابْنَهُ هَذَا عَنِ اسْمِ أَبِيهِ، قَالَ: اسْمُهُ وَكُنْيَتُهُ وَاحِدٌ. وَهُوَ الَّذِي صَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَابْنُ الصَّلَاحِ وَالْمِزِّيُّ، وَقِيلَ: بَلْ لَهُ اسْمٌ غَيْرُهَا، فَقِيلَ: حَبِيبٌ أَوْ حَمَّادٌ أَوْ خِدَاشٌ أَوْ رُؤْبَةُ أَوْ سَالِمٌ أَوْ شُعْبَةُ أَوْ عَبْدُ اللَّهِ أَوْ مُحَمَّدٌ أَوْ مُسْلِمٌ أَوْ مُطَرِّفٌ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: إِنْ صَحَّ لَهُ اسْمٌ فَهُوَ شُعْبَةُ، وَهُوَ الَّذِي صَحَّحَهُ أَبُو زُرْعَةَ وَمَشَى عَلَيْهِ الشَّاطِبِيُّ، وَعَاشَ قَرِيبًا مِنْ مِائَةِ سَنَةٍ حَتَّى كَانَتْ وَفَاتُهُ بَعْدَ التِّسْعِينَ وَمِائَةٍ، وَأَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute