للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْوُقُوفُ عَلَيْهِ فِي أَمْثِلَةِ ذَلِكَ مِنَ الْمُدَّةِ بَيْنَ الْوَفَاتَيْنِ. كَذَا قَالَ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى السَّمَاعِ، وَإِلَّا فَقَدْ تَأَخَّرَ بَعْدَ السِّبْطِ جَمَاعَةٌ، مِنْهُمْ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَبُو بَكْرٍ السَّفَاقُسِيُّ، وَيُعْرَفُ بِابْنِ الْمَقْدِسِيَّةِ ; لِكَوْنِ أُمِّهِ أُخْتَ الْحَافِظِ ابْنَ الْمُفَضَّلِ الْمَقْدِسِيِّ، مَاتَ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ، وَهُوَ مِمَّنْ يَرْوِي عَنِ السِّلَفِيِّ - حُضُورًا - الْحَدِيثَ الْمُسَلْسَلَ بِالْأَوَّلِيَّةِ فَقَطْ، وَتَأَخَّرَ بَعْدَهُ قَلِيلًا جَمَاعَةٌ، لَهُمْ إِجَازَةٌ مِنَ السِّلَفِيِّ ; كَابْنِ خَطِيبِ الْقَرَافَةِ وَغَيْرِهِ، عَلَى أَنَّ وَفَاةَ الْبَرَدَانِيِّ كَانَتْ فِي جُمَادَى، كَمَا قَالَهُ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ وَتَبِعَهُ ابْنُ الْأَثِيرِ، أَوْ شَوَّالٍ كَمَا جَزَمَ بِهِ الذَّهَبِيُّ سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، وَحِينَئِذٍ فَالْمُدَّةُ أَزْيَدُ مِمَّا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا بِنَحْوِ سَنَتَيْنِ.

وَغَالِبُ مَا يَقَعُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْمَسْمُوعَ مِنْهُ يَتَأَخَّرُ زَمَانًا بَعْدَ مَوْتِ أَحَدِ الرَّاوِيَيْنِ الَّذِي سَمِعَ مِنْهُ عِنْدَ تَقَدُّمِ سِنِّهِ حَالَ كَوْنِ الْمُسْتَمِعِ فِي ابْتِدَاءِ أَمْرِهِ يَسْمَعُ مِنْهُ عِنْدَ تَقَدُّمِ سِنِّهِ بَعْضَ الْأَحْدَاثِ، وَيَعِيشُ بَعْدَ السَّمَاعِ مِنْهُ دَهْرًا طَوِيلًا، فَيَحْصُلُ مِنْ مَجْمُوعِ ذَلِكَ نَحْوُ هَذِهِ الْمُدَّةِ، ثُمَّ إِنَّهُ لِأَجْلِ اخْتِلَافِ الْمُدَدِ بَيْنَ الرَّاوِيَيْنِ بِالنَّظَرِ لِمَا لِذَلِكَ مِنَ الْأَمْثِلَةِ لَمْ يَحُدَّهُ ابْنُ الصَّلَاحِ وَأَتْبَاعُهُ بِقَدْرٍ مُعَيَّنٍ، بَلْ قَالَ: مَنِ اشْتَرَكَ فِي الرِّوَايَةِ عَنْهُ رَاوِيَانِ ; مُتَقَدِّمٌ وَمُتَأَخِّرٌ، وَتَبَايَنَ وَقْتُ وَفَاتَيْهِمَا تَبَايُنًا شَدِيدًا يَحْصُلُ بَيْنَهُمَا أَمَدٌ بَعِيدٌ، وَإِنْ كَانَ الْمُتَأَخِّرُ مِنْهُمَا غَيْرَ مَعْدُودٍ مِنْ مُعَاصِرِي الْأَوَّلِ.

وَقَدْ حَدَّدَهُ الْخَطِيبُ فِيمَا نُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا بِخَمْسِينَ أَوْ ثَلَاثِينَ سَنَةً عَلَى اخْتِلَافِ النَّاقِلِينَ عَنْهُ، قَالَ شَيْخُنَا مِمَّا هُوَ مُؤَيِّدٌ لِلنَّقْلِ الْأَوَّلِ: وَكَأَنَّ أَعْمَارَ هَذِهِ الْأُمَّةِ لَمَّا كَانَتْ بَيْنَ السِّتِّينَ وَالسَّبْعِينَ كَانَ الزَّائِدُ عَلَى الْمُقَدَّرِ هُنَا يَقَعُ بَعْدَهُ الطَّلَبُ، فَكَأَنَّ الْمُتَأَخِّرَ بِهَذَا الْقَدْرِ تَأَخَّرَ بِقَرْنٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>