للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَيْخُهُ الْمُصَنِّفُ لِنَحْوِهِ فَقَالَ: وَهَذَا إِمَّا بَاطِلٌ أَوْ مُؤَوَّلٌ. وَكَذَا تَوَقَّفَ الْبُلْقِينِيُّ فِي صِحَّتِهِ. نَعَمْ، اسْتَدْرَكَ هُوَ عَلَى الْقَوْلِ بِآخِرِيَّةِ أَبِي الطُّفَيْلِ نَافِعَ بْنَ سُلَيْمَانَ الْعَبْدِيَّ ; فَقَدْ رَوَى حَدِيثَهُ إِسْحَاقُ ابْنُ رَاهَوَيْهِ فِي مُسْنَدِهِ قَالَ: أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ نَافِعٍ الْعَبْدِيُّ بِحَلَبٍ قَالَ: «قَالَ لِي أَبِي: وَفَدَ الْمُنْذِرُ بْنُ سَاوَى مِنَ الْبَحْرَيْنِ حَتَّى أَتَى مَدِينَةَ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَعَهُ أُنَاسٌ، وَأَنَا غُلَيْمٌ لَا أَعْقِلُ، أُمْسِكُ جِمَالَهُمْ، فَذَهَبُوا بِسِلَاحِهِمْ فَسَلَّمُوا عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَوَضَعَ الْمُنْذِرُ سِلَاحَهُ وَلَبِسَ ثِيَابًا كَانَتْ مَعَهُ، وَمَسَحَ لِحْيَتَهُ بِدُهْنٍ، فَأَتَى نَبِيَّ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَأَنَا مَعَ الْجِمَالِ أَنْظُرُ إِلَى نَبِيِّ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا أَنْظُرُ إِلَيْكَ، وَلَكِنْ لَمْ أَعْقِلْ، فَقَالَ الْمُنْذِرُ: قَالَ لِيَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (رَأَيْتُ مِنْكَ مَا لَمْ أَرَ مِنْ أَصْحَابِكَ) ، فَقُلْتُ: أَشَيْءٌ جُبِلْتُ عَلَيْهِ أَمْ أَحْدَثْتُهُ؟ قَالَ: (لَا، بَلْ جُبِلْتَ عَلَيْهِ) . فَلَمَّا أَسْلَمُوا قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (أَسْلَمَتْ عَبْدُ الْقَيْسِ طَوْعًا، وَأَسْلَمَ النَّاسُ كَرْهًا) » .

قَالَ سُلَيْمَانُ: وَعَاشَ أَبِي مِائَةً وَعِشْرِينَ سَنَةً. وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمَيْهِ وَابْنُ قَانِعٍ، جَمِيعًا عَنْ مُوسَى بْنِ هَارُونَ عَنْ إِسْحَاقَ. وَكَذَا أَخْرَجَهُ ابْنُ بِشْرَانَ فِي أَمَالِيهِ عَنْ دَعْلَجٍ عَنْ مُوسَى. وَقَالَ مُوسَى: لَيْسَ عِنْدَ إِسْحَاقَ أَعْلَى مِنْ هَذَا. انْتَهَى.

لَكِنْ قَدْ ذَكَرَ شَيْخُنَا سُلَيْمَانَ فِي كِتَابِهِ فِي (الضُّعَفَاءِ) ، وَقَالَ: إِنَّهُ غَيْرُ مَعْرُوفٍ. وَذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِيهِ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ جَرْحًا، قَالَ: وَإِنْ صَحَّ يَكُونُ نَافِعٌ قَدْ عَاشَ إِلَى دَوْلَةِ هِشَامٍ، إِلَّا أَنِّي أَظُنُّ أَنَّ سُلَيْمَانَ وَهِمَ فِي سِنِّ أَبِيهِ، فَمُحَالٌ أَنْ يَبْقَى أَحَدٌ رَأَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ سَنَةِ عَشْرٍ وَمِائَةٍ. وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: وَالْقِصَّةُ الَّتِي ذَكَرَهَا لِلْمُنْذِرِ بْنِ سَاوَى مَعْرُوفَةٌ لِلْأَشَجِّ، وَاسْمُهُ الْمُنْذِرُ بْنُ عَائِذٍ. قَالَ: وَأَظُنُّ سُلَيْمَانَ وَهِمَ فِي ذِكْرِ سِنِّ أَبِيهِ ; لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ غُلَامًا سَنَةَ الْوُفُودِ، وَعَاشَ هَذَا الْقَدْرَ، لَبَقِيَ إِلَى سَنَةِ عِشْرِينَ وَمِائَةٍ، وَهُوَ بَاطِلٌ، فَلَعَلَّهُ قَالَ: عَاشَ مِائَةً وَعَشْرًا ; لِأَنَّ أَبَا الطُّفَيْلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>