أَشَرْنَا إِلَيْهِ عَنْ هِشَامٍ، بِدُونِ وَاسِطَةِ أَخِيهِ.
(فَهْوَ) أَيْ: مَا حَصَلَ التَّفَرُّدُ بِهِ بِوَجْهٍ مِنْ هَذِهِ الْأَوْجُهِ، (الْغَرِيبُ) ، كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ التِّرْمِذِيُّ فِي آخِرِ كِتَابِهِ، وَخَصَّهُ الثَّوْرِيُّ بِالثِّقَةِ.
قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: وَكَأَنَّهُ نَظَرَ إِلَى أَنَّ كَثْرَةَ الْمَرْوِيِّ إِذْ ذَاكَ عَنْ غَيْرِ الثِّقَاتِ. (وَ) أَمَّا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (ابْنُ مَنْدَهٍ) بِالصَّرْفِ لِلضَّرُورَةِ، (فَحَدْ) هُ (بِالِانْفِرَادِ) ، يَعْنِي: عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوحِ أَوَّلًا، لَكِنْ (عَنْ إِمَامٍ) مِنَ الْأَئِمَّةِ ; كَالزُّهْرِيِّ وَقَتَادَةَ وَغَيْرِهِمَا مِمَّنْ (يُجْمَعُ حَدِيثُهُ) . وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْغَرِيبَ عَلَى قِسْمَيْنِ: مُطْلَقٌ، وَنِسْبِيٌّ ; كَمَا سَتَأْتِي الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ. وَحِينَئِذٍ فَهُوَ وَالْأَفْرَادُ كَمَا سَلَفَ فِي بَابِهَا عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ، فَلِمَ حَصَلَتِ الْمُغَايَرَةُ بَيْنَهُمَا؟ .
وَلِذَلِكَ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: إِنَّ الْأَحْسَنَ فِي تَعْرِيفِهِ مَا قَالَهُ الْمَيَّانِشِيُّ: وَإِنَّهُ مَا شَذَّ طَرِيقُهُ وَلَمْ يُعْرَفْ رَاوِيهِ بِكَثْرَةِ الرِّوَايَةِ، وَحِينَئِذٍ فَهُوَ أَخَصُّ مِنْ ذَاكَ ; لِعَدَمِ التَّقْيِيدِ فِي رَاوِيهِ بِمَا ذُكِرَ.
وَعَرَّفَهُ الشِّهَابُ الْخُوَيُّ بِأَنَّهُ مَا يَكُونُ مَتْنُهُ أَوْ بَعْضُهُ فَرْدًا عَنْ جَمِيعِ رُوَاتِهِ، فَيَنْفَرِدُ بِهِ الصَّحَابِيُّ، ثُمَّ التَّابِعِيُّ، ثُمَّ تَابِعُ التَّابِعِيِّ، وَهَلُمَّ جَرًّا. أَوْ مَا يَكُونُ مَرْوِيًّا بِطُرُقٍ عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَيَنْفَرِدُ بِهِ عَنْ بَعْضِهِمْ تَابِعِيٌّ أَوْ بَعْضُ رُوَاتِهِ.
وَهَذَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْغَرِيبُ عِنْدَهُ أَيْضًا عَلَى قِسْمَيْنِ: مُطْلَقٌ وَمُقَيَّدٌ. وَيَكُونَ افْتِرَاقُ أَوَّلِهِمَا عَنِ الْفَرْدِ بِالنَّظَرِ لِوُقُوعِ التَّفَرُّدِ فِي سَائِرِ طِبَاقِهِ، فَهُوَ أَخَصُّ أَيْضًا.
وَيُحْتَمَلُ التَّرَدُّدُ بَيْنَ التَّعْرِيفَيْنِ، لَكِنْ قَدْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا شَيْخُنَا بَعْدَ قَوْلِهِ: إِنَّهُمَا مُتَرَادِفَانِ لُغَةً
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute