فَعرفنَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بذلك أَن أَبَاكُم آدم عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ فِي الْجنَّة على الصُّورَة الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا فِي الدُّنْيَا لم يُغير الله خلقته وَتَكون فَائِدَة ذَلِك تعريفنا الْفرق بَينه وَبَين سَائِر من أخرجه من الْجنَّة مَعَه وإبانته مِنْهُم فِي الرُّتْبَة والدرجة وَهَذِه فَائِدَة لَا يُمكن الْوُقُوف عَلَيْهَا إِلَّا بِخَبَر الصَّادِق
وَالْوَجْه الثَّانِي من ذَلِك إِذا قُلْنَا إِن الْهَاء يرجع إِلَى آدم فسبيله أَن النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام أفادنا إبِْطَال قَول أهل الذِّمَّة أَنه لم يكن إِنْسَان إِلَّا من نُطْفَة وَلَا نُطْفَة إِلَّا من إِنْسَان فِيمَا مضى وَيَأْتِي لَيْسَ لذَلِك أول وَلَا آخر وَأَن النَّاس إِنَّمَا ينتقلون من نشوء على تَرْتِيب مُعْتَاد وَإِن كَانَ ذَلِك أبدا كَانَ كَذَلِك فَعرفنَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بتكذيبهم وَأَن أول الْبشر آدم عَلَيْهِ السَّلَام خلق على صورته الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا وعَلى الْهَيْئَة الَّتِي شوهد عَلَيْهَا من غير أَن كَانَ من نُطْفَة قبله أَو عَن تناسل أَو تنقل من صغر إِلَى كبر كالمعهود من أَحْوَال أَوْلَاده فَأَما مَا دلّت عَلَيْهِ دَلَائِل الْعُقُول من كَون هَذَا الْعَالم ذَا ابْتِدَاء وإنتهاء
وَأفَاد بِهِ مَا لَا يُوصل إِلَيْهِ إِلَّا بِالسَّمْعِ إِلَّا أَن الأَصْل الَّذِي هُوَ مِنْهُ توالدنا لم يكن عَن توالد قبله بل خلق كَمَا كَانَ عَلَيْهِ وَهُوَ آدم عَلَيْهِ السَّلَام خلقه الله عز وَجل من صلصال كالفخار ثمَّ خلق فِيهِ الرّوح وَلم يكن قطّ فِي صلب وَلَا رحم وَلَا كَانَ علقَة وَلَا مُضْغَة وَلَا مراهقا وَلَا طفْلا بل خلق ابْتِدَاء بشرا سويا كَمَا شوهد // أخرجه البُخَارِيّ وَمُسلم
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute