للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعن عمرو بن يثربي رضي الله عنه قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (لا يحل لامرئ من مال أخيه شيء إلا بطيب نفس منه) (١)

فدلت الآية وهذا الحديث على أنه متى لم يرض المسلم بإعطاء المال ولم تطب به نفسه فماله محظور على كل أحد. (٢)

الترجيح: والراجح هو القول الثاني، لقوة الدليل، وعدم المعارض.

وبهذا يتبين أن ما قاله الإمام الطحاوي هو القول الأولى في المراد بالآية. والله تعالى أعلم.

قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (١٨٠)} [البقرة:١٨٠]

قال أبو جعفر الطحاوي: قوله: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} [البقرة:١٨٠] فكان ذلك منه عز وجل قبل أن تفرض المواريث في التركات، ثم فرضها فيها بعد ذلك، فنسخ الوصية للوارث على لسان نبيه - صلى الله عليه وسلم - بقوله: (إن الله عز وجل قد أعطى كل ذي حق حقه، فلا وصية لوارث) (٣)، وإن كان ذلك لم يرو إلا من جهة واحدة وهي عن أبي أمامة (٤) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك. غير أن أهل العلم قد قبلوا ذلك، واحتجوا به، فغني بذلك عن طلب الأسانيد فيه.


(١) أخرجه الدار قطني في سننه (حـ ٩٠ - ٣/ ٢٦) والإمام أحمد في مسنده (٣/ ٤٢٢).
(٢) أحكام القرآن للجصاص (١/ ١٥٠).
(٣) أخرجه أبوداود في سننه - كتاب الوصايا - باب ما جاء في الوصية للوارث (حـ ٢٨٧٠ - ٣/ ٢٩٠).
والترمذي في سننه - كتاب: الوصايا - باب: ماجاء لاوصية لوارث. (حـ ٢١٢٥ - ٨/ ٢٧٥). وقال: حديث حسن صحيح أ. هـ.
(٤) أبي أمامة هو: أبو أمامة صُدَى بن عجلان الباهلي، صحابي جليل سكن مصر ثم حمص ومات بها، وكانت وفاته سنة (٨١ هـ)
(أسد الغابة- ٦/ ١٦).

<<  <   >  >>