للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي إجماعهم على خلاف ذلك، وجوب بطلان هذا القول.

ثم ثنينا بقول من قال: إن العفو يوجب له الدية على القاتل شاء أو أبى، فوجدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد روي عنه ما قد دفع ذلك مما قد ذكرناه فيما قد تقدم منا في كتابنا هذا في حديث (١) ذي النسعة (٢) من قوله لولي المقتول: (اعف عنه) - يعني قاتل وليه - فأبى، فقال له: (فخذ أرشاً)، (٣) فعقلنا بذلك: أن عفوه لا أرش معه لو عفا، لأنه قال له لما أباه: (فخذ أرشاً).

وروي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أيضاً في ذلك عن أبي شريح الخزاعي (٤)


(١) نص الحديث: عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: (جاء رجل بقاتل وليه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال له: اعف عنه، فأبى، قال: خذ إرشاً،
فأبى، قال: أتقتله؟ فإنك مثله، قال: فخلى سبيله، فرئي يجر نسعته ذاهباً إلى أهله).
أخرجه أبو داود في سننه - كتاب: الديات - باب: الإمام يأمر بالعفو في الدم (حـ ٤٤٩٨ - ٤/ ٦٣٧).
وابن ماجة في سننه - كتاب: الديات - باب: العفو عن القاتل - (حـ ٢٧٢٣ - ٢/ ١١٢).
(٢) قوله (النِّسعة): سير يضفر على هيئة الحبل، تشد به الرحال، ويجعل زماماً للبعير وغيره. (لسان العرب - (مادة: نسع - ٨/ ٣٥٢).
(٣) قوله (أرشاً) الأرش: الدية، وأروش: الجنايات والجراحات هي: جائزة لها عما حصل فيها، من النقص، وسمي أرشاً لأنه من أسباب النزاع،
يقال: أرَّشْتُ بين القوم، إذا أوقعت بينهم. (لسان العرب - مادة: أرش -٦/ ٢٦٣).
(٤) أبو شريح هو: أبو شريح الخزاعي الكعبي، اختلفوا في اسمه فقيل: خويلد بن عمرو، وقيل عمرو بن خويلد، وقيل: كعب بن عمرو، وقيل:

هانئ بن عمرو، أسلم قبل فتح مكة، وكانت وفاته سنة (٦٨ هـ) (أسد الغابة -٦/ ١٦٤).

<<  <   >  >>