للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله تعالى: {إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ}: قيد كاشف لا مفهوم له، فلا يدل على أنه أبيح لمن لا يؤمن أن يكتم؛ لأن ذلك لا يحل لمن لا يؤمن، إنما هو كقولك: إن كنت أخي فلا تظلمني، أي فينبغي أن يحجزك الإيمان عنه؛ لأن هذا ليس من فعل أهل الإيمان (١).

فمن آمنت بالله، وكانت الآخرة أمام ناظريها، لا يمكن أن تجترئ على الخيانة، وغيرها من العظائم، وفي الآية دلالة " على أن كل من جُعل أميناً في شيء، فخان فيه، فأمره عند الله شديد" (٢).

٢ - يقول الله تعالى: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (٢٣٢)} [البقرة:٢٣٢]، دلت هذه الآية: على نهي الأولياء، عن عضل مولياتهم عن النكاح، وهذا الذي نهيتكم عنه من عضلهن عن النكاح، عظة مني من كان منكم أيها الناس يؤمن بالله واليوم الآخر، يعني: يصدق بالله فيوحده ويقر بربوبيته، واليوم الآخر يعني: يصدق بالبعث للجزاء والثواب والعقاب؛ ليتقي الله في نفسه، فلا يظلمها بضرار وليته، ومنعها من نكاح من رضيته لنفسها، ممن أذنت له في نكاحه (٣).

وهذا خطاب لجميع الأولياء، أي: لمن صدق بأمر الله، ووعيده والبعث فأطاع الله في هذه الحدود، فهو أزكى له وأطهر من الريبة (٤).


(١) القرطبي: الجامع لأحكام القرآن، دار الكتب المصرية - القاهرة، ط ٢ - ١٣٨٤ هـ، (٣/ ١١٩).
(٢) الرازي: مفاتيح الغيب، دار إحياء التراث العربي - بيروت، ط ٣ ١٤٢٠ هـ (٦/ ٤٣٩).
(٣) الطبري: جامع البيان، مؤسسة الرسالة، ط ١ ١٤٢٠ هـ، ت: أحمد محمد شاكر، ص (٥/ ٢٧).
(٤) الزجاج: معاني القرآن، عالم الكتب - بيروت، ط ١ ١٤٠٨ هـ، ص (١/ ٣١١).

<<  <   >  >>