للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن هنا قال نبي الله شعيب - عليه السلام - ماحكاه الله تعالى عنه في كتابه الكريم: {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا فَقَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآخِرَ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (٣٦)} [العنكبوت:٣٦].

يقول الإمام الشوكاني رحمه الله في معنى رجاء اليوم الآخر أي: " يصدقون بحصوله، وأنه كائن لا محالة " (١).

"فعدم الخوف من اليوم الآخر، وما فيه من الثواب والعقاب، هو السبب الجوهري في الاعراض عن دعوة الرسل "" (٢).

ولما كان نسيان اليوم الآخر أو تناسيه، هو سبب الوقوع في القبائح والمنكرات أشار الله جل وعلا إليه، وحذر المتناسين من الوقوف بين يديه فقال سبحانه وتعالى: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (١) الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (٢) وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ (٣) أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ (٤) لِيَوْمٍ عَظِيمٍ (٥) يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (٦)} [المطففين ١ - ٦]. ومن هنا عدَّ بعض العلماء - نسيان الدار الآخرة - من كبائر الذنوب؛ لخطر نسيانه على الأفراد والمجتمعات. (٣)

ولأهمية اليوم العظيم، ذكره القرآن العزيز بالخصوص بعد العموم فقال سبحانه وتعالى: {الم (١) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (٢) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} [البقرة ١ - ٤] ثم قال سبحانه: {وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ} [البقرة ٥]

يقول العلامة ابن سعدي رحمه الله: " وخصه بالذكر بعد العموم؛ لأن الإيمان باليوم الآخر أحد أركان الإيمان، ولأنه أعظم باعث على الرغبة والرهبة والعمل " (٤)


(١) الشوكاني: فتح القدير (٤/ ٣١٢).
(٢) الزحيلي: التفسير المنير (١٩/ ٦٨).
(٣) ابن حجر الهيتمي: الزواجر عن اقتراف الكبائر (١/ ٨٠).
(٤) ابن سعدي: تيسير الكريم الرحمن ت: عبدالرحمن اللويحق، ص (٢٢٤).

<<  <   >  >>