للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"فالبعث في نظر صادم النيهوم، ليس سوى خروج الإنسان من عالمه الطفولي الغائب في ظلام اللاوعي إلى عالم العقل الحاضر في ضوء الصحوة واليقين. فالبعث لا يتحقق بإحياء رجل ميت، بل بإعادة الوعي إلى جيل غائب عن عالم الوعي، في حين يذهب حسن حنفي إلى مفهوم البعث عنده هو بعث للأمة والحزب، متأثراً بيساريته الثورية، محاولاً تأويل النصوص وتفسيرها تفسيراً مادياً (ماركسياً)، وهو يفسر البعث والمعاد بأن المعاد إنساني تكشف عنه رغبة الإنسان في مقاومة الموت واستمرار الحياة عن طريق إفعاله في الدنيا وآثاره في الناس، فيتحول وجوده الفردي إلى وجود جماعي، ويخلد الفرد في الجماعة، ويبقى في الأمة.

وكذا ذهب صادق جلال العظم إلى أن البعث إنما هو خرافة ميتا فيزيقية فلا بعث ولا نشور، لا ظاهرياً ولا باطنيا، إذا النصوص الدينية لا تستحق في نظره أن ينظر في مدلولاتها ومعانيها، إذا ما هي إلا أوهام اخترعها الإنسان لسد رغباته النفسية" (١).

وهذه الأقاويل الفاسدة، والتأويلات المنحرفة، مع كونها كذلك، إلا أنها مصادمة للنصوص الشرعية، ولإجماع أهل الديانات على إثبات المعاد. مع افتقاد هذه الأقوال إلى أدنى دليل يدل عليها، فهم يلقون الكلام على عواهنه دون قدرة على إقامة الأدلة على ما يذهبون إليه.

فهذه أقوال ساقطة، لا توجد لها أي دلائل علمية يعتمد عليها، على أن العقلاء وغيرهم على إمكان المعاد، قال شمس الدين السمرقندي: والدليل المطلق على المعاد الجسماني: أنه يمكن في نفسه، والصادق أخبر عنه، فوجب القول به.

أما الأول: فلأن الإمكان ها هنا بالنظر إلى القابل والفاعل، وهما حاصلان ... أما بالنظر إلى القابل، فلما قرّ في صدر الكتاب من جواز العود، وأما بالنظر إلى الفاعل فللزومه لأمرين حاصلين:

أحدها: كونه تعالى قادراً على الإيجاد.


(١) هذا المبحث المتعلق بشبهات العلمانية مستفاد من الرسالة العلمية للباحث الدكتور: عواد برد العنزي والموسومة بـ (المعاد الأخروي وشبهات العلمانيين، رسالة علمية مقدمة لجامعة أم القرى بمكة المكرمة ١٤٢٠ هـ، ص (٢١٢ - ٢٢٤ بتصرف)

<<  <   >  >>