للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأَنشد قولَ أَوْسٍ (١):

تَرَدَّدَ فِيهَا ضَوْؤُهَا وَشُعَاعُهَا ... فَأَحْصِنْ وَأَزْيِنْ لِامْرِئٍ إِنْ تَسَرْبَلَا (٢):

لا يجوز في: أَحْسِنْ بزيدٍ حذفُ الجار والمجرور؛ من حيثُ لم يَجُزْ حذفُ الفاعل.

فأما الجواب عن الآية والبيتِ فإن ناسًا من أهل النظر أجازوا حذفَ الفاعل، وذهب أبو الحَسَن (٣) إلى ذلك في بعض الأشياء، ومَنْ لم يُجِزْ حذفَ الفاعل -وهو قولُ س (٤) - جَعَلَ في "أَبْصِرْ" ضميرًا، كما كان في قول أَوْسٍ.

وإنما لم يُجمَع كما يقول: القومُ كَفَوا، إذا لم يُلحِق الجارَّ، فيقول: القومُ كَفَى بهم؛ لأنه يقال: يجوز أن يكون أُضمر على لفظ المفرد دون الجميع؛ لأن هذا الفعل بمنزلة "نِعْمَ" و"بِئْسَ"، فكما لم يُلحقوا علامةَ الجمع هذين الفعلين كذلك لم يُلحَق هذا، وجُعل الفاعلُ على لفظ المفرد، وإن كان في المعنى جميعًا.

وأيضًا فإنه يجوز أن يكون أُجري مُجرى "أَفْعَلَ" الذي في قولهم: ما أَحْسَنَ زيدًا، فكما لم يُجمع الضمير في "أَحْسَنَ" كذلك لم يُجمع في "أَحْسِنْ" و"أَسْمِعْ"؛ من حيث اتَّفقا في المعنى.

وأيضًا فإن هذا الفعل قد جَرى مَجرى الاسمِ في تصحيحهم له؛ أَلَا تَرَاهم قالوا: أَقْوِلْ به، و:


(١) هو ابن حَجَر بن عتاب بن عبدالله التميمي، من شعراء الجاهلية المقدَّمين الفحول، وكان زهيرٌ راويتَه. ينظر: طبقات فحول الشعراء ١/ ٩٧، والشعر والشعراء ١/ ١٩٨، والأغاني ١١/ ٤٧.
(٢) بيت من الطويل. تَسَرْبل: لَبِسَ، كما في: القاموس المحيط (س ر ب ل) ٢/ ١٣٤١. ينظر: الديوان ٨٤، وتهذيب اللغة ٢/ ٨١، والتذييل والتكميل ١٠/ ١٩٨.
(٣) ينظر: شرح الكافية للرضي ٤/ ١٢٩، وارتشاف الضرب ٤/ ٢٠٦٨، وخزانة الأدب ٤/ ٢٦٠.
(٤) الكتاب ١/ ٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>