للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حيث امتَنع دخولُ الجزم على الاسم، فكيف صار امتناعُ دخولِ الجزم على الأسماء أصلًا لمنع دخول الجر على الأفعال؟ وما وجه ردِّ أحدِهما على الآخر؟

والجواب: أنه لم يَجعل امتناعَ الجزم في الأسماء علةَ منعِ دخول الجر في الأفعال، وإنما أراد أن كل واحدٍ منهما ممتنعٌ في بابه؛ للعلَّة التي تمنعه، والمعنى الذي يُحِيله.

على أن نظير هذه العبارةِ وقع لسِيبَوَيْهِ (١) رحمه الله، فإنه قال: «وليس في الأفعال المضارعةِ جرٌّ، كما أنه ليس في الأسماء جزمٌ»، واختَلف الناسُ، فمنهم من حَمَل كلامَه على ما ذكرت، ومنهم من حمله على غير ذلك (٢) (٣).

فارفع بضمٍ وانصِبَنْ فتحا وجُرْ ... كسرًا كذِكْرُ اللهِ عبدَهُ يَسُرْ

(خ ١)

* نَصَبَ: «فتحًا» على إسقاط الخافض، بدليل مجيئه به في قوله: «فارفعْ بضمٍّ»، وكذا: «وجُرّ كسرًا»، ولا يحسنُ أن يكون مصدرًا في موضع الحال، أي: فاتحًا وكاسرًا؛ لأن ما قبله ينافيه، أعني: قولَه: «فارفعْ بضمٍّ».

فإن قلت: فإن إسقاط الجار غيرُ قياسٍ.

قلت: هو جائزٌ في الضرورة (٤).

(خ ٢)

* الإعرابُ: أثرٌ ظاهرٌ أو مقدَّرٌ يَجْلِبُه العاملُ في آخر الكلمة.

وأنواعُه أربعةٌ، وأنواعُه في الاسم ثلاثةٌ، وفي الفعل كذلك.

وإنما كانت في الاسم ثلاثةً؛ لأن المعاني التي جيء به لأجلها في الاسم: معنًى هو عمدةٌ، فاستغنى (٥) عنه، كالفاعلية، فجعلوا له الرفعَ، ومعنًى هو فضلةٌ يتمُّ الكلام بدونه، كالمفعولية، وله النصبُ، ومعنًى بينَهما، وهو المضاف إليه، نحو: غلامُ زيدٍ، وله الجرُّ.


(١) الكتاب ١/ ١٤.
(٢) ينظر: الإيضاح للزجاجي ١٠٢ - ١٢٠، والتذييل والتكميل ١/ ١٤١، ١٤٢.
(٣) الحاشية في: ٣٣، ونقلها ياسين في حاشية الألفية ١/ ٢٣ إلا قوله: «واختلف الناس» إلى آخرها.
(٤) الحاشية في: ٢/ب.
(٥) كذا في المخطوطة، وهي في شرح الألفية لابن الناظم ١٦، ١٧ المنقول عنه: «لا يُستغنَى».

<<  <  ج: ص:  >  >>