للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

النسيانُ -أعني: في المستقبل-، وعدمُ إصغاء السامع، وعدمُ اعتنائه.

وكذا التوكيد المعنوي فائدتُه أيضًا: التقريرُ، لكنَّ ذاك خوفٌ من أمرين، وهما: توهُّم تقديرِ إضافةٍ إلى المتبوع، أو إرادةُ الخصوص بما ظاهرُه العمومُ.

وهذا التأكيد يُخالف المعنويَّ من وجهين:

أحدهما: أن ذلك بألفاظ مخصوصة.

والثاني: أن المتبوع هناك لا يكون جملةً ولا مفردًا غيرَ اسم.

واللفظيُّ بخلافه فيهما؛ فإنه لا يتقيَّد بلفظٍ بعينه، ولا يتقيَّد متبوعُه بإفرادٍ ولا غيرِه، بل الأكثرُ كونه جملةً تابعًا لجملةٍ.

فأما توكيد الجملة -وهو الغالبُ كما ذكرنا- فالغالبُ أن تكون المؤكِّدةُ مقرونةً بعاطفٍ، نحو: {ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ} (١)، {ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ} (٢)، {ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى} (٣)، ومِنْ عدم اقترانها به: {إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} (٤)، وقولُه (٥):

لَكَ اللهُ عَلَى ذَاكَ ... لَكَ اللهُ لَكَ اللهُ (٦)

وأما الاسم فإن كان ظاهرًا، أو ضميرًا منفصلًا، أو متصلًا وأُكِّد بمرادفه؛ فلا إشكالَ، فالأول: نحو: {صَفًّا صَفًّا} (٧)، و: {دَكًّا دَكًّا} (٨)، والثاني: نحو: أنتم أنتم


(١) النبأ ٥، وقبلها: {كَلَّا سَيَعْلَمُونَ}.
(٢) الانفطار ١٨، وقبلها: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ}، وفي المخطوطة: ثم ما أدراك ما هيه، وهو خطأ.
(٣) القيامة ٣٥، وقبلها: {أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى}.
(٤) الشرح ٦، وقبلها: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا}.
(٥) هو المأمون الخليفة العباسي.
(٦) بيت من الهزج. ينظر: العقد الفريد ٢/ ٧٥، والصداقة والصديق ١١٧، وشرح التسهيل ٣/ ٣٠٢، والمقاصد النحوية ٤/ ١٥٨٥.
(٧) الفجر ٢٢.
(٨) الفجر ٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>