للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يُغَذِّيه ويُنَمِّيه ويَذكره في المجالس ويُوغِرُ الصُّدور به، وهو عبد الله بن أُبي -لعنه الله- وهو جدير بمثل هَذِه الخِسَّة؛ لأنَّه منافقٌ بل هو رأسُ المُنافِقِينَ، وهو يتمنى أن يقع مثل هَذَا الْأَمْر ليجدَ فيه مَنْفَذًا للطعن بالنبي -صَلَّى الله عليه وسلم- وبفِراشه وبخاصة أصْحابه.

وقَوْلهُ: {لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ}، معنى الْعَذَاب العُقوبة، و {عَظِيمٌ} أي عَظِيمٌ في قدره، وعَظِيم في نوعه وجنسه، وعَظِيم في أمده، فإنَّه -والعِيَاذ باللهِ- في الدَّرْكِ الأسفل من النَّار، ولا يوجد أحد من أهل النَّار أسفل من المُنافِقِينَ، ورأس المُنافِقِينَ في هَذِهِ الأُمَّة عبد الله بن أُبي، فيَكُون هو أسفل مَنْ في الدَّرْكِ الأسفل من النَّار؛ ولذَلك عَظُمَ عَذابه -والعِيَاذ باللهِ- في شكله ومدته وفي قدره.

بقي: هل حُدَّ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ تكلموا؟

الجواب: ما حَدَّ النَّبِيُّ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- منهم إلَّا المُؤْمِنِينَ فقط، وهم: حسَّانُ بن ثابت - رضي الله عنه -، ومِسْطَح بن أثاثَةَ، وحَمْنَةُ بنت جَحْشٍ أختُ زينَبَ بنت جَحْشٍ زوج الرَّسُول - صلى الله عليه وسلم -.

وزينبُ - رضي الله عنها - مع أنَّها ضَرَّةُ عَائِشَة - رضي الله عنها -، لما سألها النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - عن عَائِشَة أَثْنَتْ عَلَيْها خيرًا، وأما أختها فهلكت فيمن هلك، فحَدَّهُم النَّبِيُّ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- حَدَّ القَذْفِ ثمانين جَلْدَةً.

وأمَّا المُنافِقُونَ فلم يحدهم النَّبِيُّ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ-، رُبَّما لأَنَّ الحدَّ تطهيرٌ وكَفَّارة، والمُنافِقُونَ لَيْسَوا أهلًا للتَّطهير ولا للكَفَّارة، فعبد الله بن أُبي كَانَ رَسُول الله -صَلَّى الله عليه وسلم- يعلم نفاقَه، وهَذَا تعليلٌ واضح من حيث المَعْنى، لكن من حيث الواقِع قد يَكُون غير واضح؛ لأَنَّ المُنافِقِينَ يظهرون أنهم مُسلِمونَ، فكان يَنْبَغِي أن تجري عليهم أحكامُ الإِسْلام الظَّاهِرة وتُوكَلُ سرائرُهم إلى الله -عَزَّ وَجَلَّ-.

<<  <   >  >>