لهم ماحيًا لما عسى أن يَكُون من التقصير والتفريط في ذَلِك واستغفار الرَّسُول - صلى الله عليه وسلم - كأنْ يقولَ: انصرفوا غفر الله لكم، أو: اللهم اغفر لهم.
وقَوْلهُ:{إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} هَذَا تقدَّم الكَلام علَيْه مرارًا، وقُلْنا: إن المغْفِرة في جانب الذُّنوب، والرَّحمة في جانب حصول المَطْلوب؛ ففي المغْفِرة النَّجاة من المرهوب، وفي الرَّحمة حصول المَطْلوب.
مِنْ فَوَائِدِ الآيَة الْكرِيمَةِ:
الفَائِدةُ الأُولَى: أن الإِيمَان ينقسم إلى ناقصٍ وكاملٍ؛ لأَن عدم الاسْتِئْذان في الْأَمْر الجامع لا يوجب الكفر، ولكنه معْصِيَة تنافي كمال الإِيمَان، فالإِيمَان قد يُراد به مطلق الإِيمَان ولو بإيمان ناقص، والإِيمَان المطلَق هو الإِيمَان الكامل، ففرق بين مطلق الإِيمَان؛ وهو: أن تضيف كَلِمة (مطلق) إلى إيمان، وبين أن تصف الإِيمَان بالمطلَق؛ فالإِيمَان المطلَق أي: الكامل، ومطلق الإِيمَان أي: أن يَكُون مع الْإِنْسَان أصل الإِيمَان، وإن لم يكن كاملًا؛ ففي قَوْله تَعَالَى في كَفَّارة القتل:{فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ}[النساء: ٩٢]، المُراد بالإِيمَان هُنا مطلق الإِيمَان؛ لأَنه لا يشترط في عتق الرقبة أن يَكُون المُعتَق كامل الإِيمَان، بل يكفي أن يَكُون مؤمنًا ولو أن معه أصل الإِيمَان فقط.
وفي قَوْلهُ:{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ} كهَذِهِ الآية.
وفي قَوْلهُ:{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا}[الأنفال: ٢]؛ المُراد بالإِيمَان: الإِيمَان المطلَق، يعني: الإِيمَان الكامل، هو الَّذِي يَكُون على هَذِهِ الأوصاف.