(أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ الْمَسْجِدَ) النَّبَوِيَّ، وَفِي مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: خَرَجَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَاتَ يَوْمٍ أَوْ لَيْلَةٍ هَكَذَا بِالشَّكِّ.
وَفِي التِّرْمِذِيِّ: فِي سَاعَةٍ لَا يَخْرُجُ فِيهَا، وَلَا يَلْقَاهُ فِيهَا أَحَدٌ.
(فَوَجَدَ فِيهِ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ، وَعُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، فَسَأَلَهُمَا) فِي مُسْلِمٍ فَقَالَ: مَا أَخْرَجَكُمَا مِنْ بُيُوتِكُمَا هَذِهِ السَّاعَةَ؟ (فَقَالَا: أَخْرَجَنَا الْجُوعُ) ، وَفِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ: " «فَأَتَاهُ أَبُو بَكْرٍ، فَقَالَ: مَا جَاءَ بِكَ يَا أَبَا بَكْرٍ؟ قَالَ: خَرَجْتُ أَلْقَى رَسُولَ اللَّهِ، وَأَنْظُرُ فِي وَجْهِهِ، وَالتَّسْلِيمَ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ جَاءَ عُمَرُ فَقَالَ: مَا جَاءَ بِكَ يَا عُمَرُ؟ قَالَ: الْجُوعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ» "، (فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) زَادَ مُسْلِمٌ: " وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ "، (وَأَنَا أَخْرَجَنِي الْجُوعُ) ، قَالَهُ تَسْلِيَةً وَإِينَاسًا لَهُمَا لِمَا عَلِمَ مِنْ شِدَّةِ جُوعِهِمَا.
وَفِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ: " قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَا قَدْ وَجَدْتُ بَعْضَ ذَلِكَ "، وَالْأَصَحُّ أَنَّ هَذِهِ الْقِصَّةَ كَانَتْ بَعْدَ فَتْحِ الْفُتُوحِ ; لِأَنَّ إِسْلَامَ أَبِي هُرَيْرَةَ كَانَ بَعْدَ فَتْحِ خَيْبَرَ، فَرِوَايَتُهُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ بَعْدَ فَتْحِهَا، وَلَا يُنَافِي صَنِيعَهُمْ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَبْذُلُونَ مَا يُسْأَلُونَ، فَرُبَّمَا يَحْتَاجُونَ، قَالَهُ النَّوَوِيُّ، وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ لَعَلَّهُ رَوَى الْحَدِيثَ عَنْ غَيْرِهِ ; لِأَنَّهُ تَرَدَّدَ فِي كَوْنِهِ ذَاتَ يَوْمٍ، أَوْ لَيْلَةٍ، فَلَوْ كَانَتْ رِوَايَتُهُ عَنْ مُشَاهَدَةٍ مَا تَرَدَّدَ.
وَأُجِيبَ بِمَنْعِ أَنَّ الشَّكَّ مِنْهُ لِجَوَازِ أَنَّهُ مِنْ أَحَدِ رِجَالِ الْإِسْنَادِ.
(فَذَهَبُوا إِلَى أَبِي الْهَيْثَمِ) - بِفَتْحِ الْهَاءِ، وَالْمُثَلَّثَةِ بَيْنَهُمَا تَحْتِيَّةٌ سَاكِنَةٌ، ثُمَّ مِيمٌ - مَشْهُورٌ بِكُنْيَتِهِ، وَاسْمُهُ مَالِكُ (ابْنُ التَّيِّهَانِ) - بِفَتْحِ الْفَوْقِيَّةِ، وَكَسْرِ التَّحْتِيَّةِ مُشَدَّدَةٌ - يُقَالُ: إِنَّهُ لَقَبٌ وَاسْمُهُ أَيْضًا مَالِكُ بْنُ عَتِيكِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَمِ بْنِ عَامِرِ بْنِ زَعُورَا (الْأَنْصَارِيُّ) الْأَوْسِيُّ، وَزَعُورَا أَخُو عَبْدِ الْأَشْهَلِ شَهِدَ بَدْرًا، وَالْمُشَاهِدَ كُلَّهَا، مَاتَ سَنَةَ عِشْرِينَ، أَوْ إِحْدَى وَعِشْرِينَ، أَوْ قُتِلَ مَعَ عَلِيٍّ بِصِفِّينَ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَلَاثِينَ، قَالَ الْوَاقِدِيُّ: لَمْ أَرَ مَنْ يَعْرِفُ ذَلِكَ وَلَا يُثْبِتُهُ، وَقِيلَ: مَاتَ فِي الْعَهْدِ النَّبَوِيِّ، قَالَ أَبُو عُمَرَ: لَمْ يُتَابَعْ عَلَيْهِ قَائِلُهُ.
وَفِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ: " «فَانْطَلَقُوا إِلَى مَنْزِلِ أَبِي الْهَيْثَمِ بْنِ التَّيِّهَانِ الْأَنْصَارِيِّ، وَكَانَ رَجُلًا كَثِيرَ النَّخْلِ وَالشِّيَاهِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ خَدَمٌ» "، وَكَذَا عِنْدَ الْبَزَّارِ، وَأَبِي يَعْلَى، وَالطَّبَرَانِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَلِلطَّبَرَانِيِّ أَيْضًا، وَابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ أَبُو الْهَيْثَمِ، وَلِلطَّبَرَانِيِّ أَيْضًا، وَابْنِ حِبَّانَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ أَبُو أَيُّوبَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْقِصَّةَ اتَّفَقَتْ مَرَّةً مَعَ أَبِي الْهَيْثَمِ، كَمَا صُرِّحَ بِهِ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ، وَمَرَّةً مَعَ أَبِي أَيُّوبَ، قَالَهُ الْمُنْذِرِيُّ، وَوَقَعَ فِي مُسْلِمٍ بِالْإِبْهَامِ قَالَ: فَأَتَى بِهِمَا رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ، وَذَهَابُهُمْ إِلَيْهِ لَا يُنَافِي كَمَالَ شَرَفِهِمْ، فَقَدِ اسْتَطْعَمَ قَبْلَهُمْ مُوسَى وَالْخَضِرُ لِإِرَادَةِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ بِتَسْلِيَةِ الْخَلْقِ بِهِمْ، وَأَنْ يُسْتَنَّ بِهِمُ السَّنَنَ فَفَعَلُوا ذَلِكَ تَشْرِيعًا لِلْأُمَّةِ.
وَهَلْ خَرَجَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَاصِدًا مِنْ أَوَّلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute