للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للمنادى؛ وتصدير الحكم بالنداء يدل على الاهتمام به؛ لأن النداء يستلزم انتباه المنادى.

قوله تعالى: {كلوا من طيبات ما رزقناكم}: الأمر هنا للامتنان، والإباحة؛ و {مِن} هنا الظاهر أنها لبيان الجنس؛ لا للتبعيض؛ والمراد بـ «الطيب»: الحلال في عينه، وكسبه؛ وقيل: المراد بـ «الطيب»: المستلذ، والمستطاب.

قوله تعالى: {واشكروا لله}؛ «الشكر» في اللغة: الثناء؛ وفي الشرع: القيام بطاعة المنعم؛ وإنما فسرناها بذلك؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال تعالى: {يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحاً}، وقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله}» (١)؛ فالشكر الذي أُمر به المؤمنون بإزاء العمل الصالح الذي أُمر به المرسلون؛ والقرآن يفسر بعضه بعضاً.

قوله تعالى: {إن كنتم إياه تعبدون}؛ {إن} شرطية؛ وفعل الشرط: {كنتم}؛ و {إياه} مفعول لـ {تعبدون} مقدم؛ وجملة: {تعبدون} خبر كان؛ وجواب الشرط: قيل: إنه لا يحتاج في مثل هذا التعبير إلى جواب؛ وهو الصحيح؛ وقيل: إن جوابها محذوف يفسره ما قبله؛ والتقدير: إن كنتم إياه تعبدون فاشكروا له؛ و «العبادة» هي التذلل لله عز وجل بالطاعة؛ وذلك بفعل أوامره، واجتناب نواهيه؛ مأخوذة من قولهم: طريق معبَّد ــ يعني مذللاً للسالكين ــ؛ يعني: إن كنتم تعبدونه حقاً فكلوا من رزقه، واشكروا له.


(١) أخرجه مسلم ص ٨٣٨، كتاب الزكاة، باب ١٩: قبول الصدقة من الكسب الطيب، حديث رقم ٢٣٤٦ [٦٥] ١٠١٥.