٤ ــ ومنها: وجوب الشكر؛ لقوله تعالى:{واشكروا لي}؛ و «الشكر» يكون بالقلب، وباللسان، وبالجوارح؛ ولا يكون إلا في مقابلة نعمة؛ فسببه أخص من سبب «الحمد»؛ ومتعلَّقه أعم من متعلق «الحمد»؛ فيختلفان إذاً من حيث السبب؛ ويختلفان من حيث المتعلق؛ سبب «الحمد» كمال المحمود، وإنعام المحمود؛ فإذا كان سببه إنعام المحمود كان «الحمد» من «الشكر»؛ أما «الشكر» فسببه واحد؛ وهو نعمة المشكور؛ وأما متعلق «الحمد» فيكون باللسان فقط؛ وأما متعلق «الشكر» فثلاثة: يكون باللسان، والقلب، والجوارح؛ وعليه قول الشاعر:
(أفادتكم النعماء مني ثلاثة - يدي ولساني والضمير المحجبا) فـ «يدي» هذا الشكر بالجوارح؛ و «لساني» هذا الشكر باللسان ــ يعني القول؛ و «الضمير المحجبا» يعني القلب.
والشكر بالقلب أن يعتقد الإنسان بقلبه أن هذه النعمة من الله عزّ وجلّ وحده؛ فيحب الله سبحانه وتعالى لهذا الإنعام؛ ولهذا ورد في الحديث:«أحبوا الله لما يغذوكم به من نعمه»(١)؛ فإن الإنسان إذا شعر بأن هذه النعمة من الله أحب الله سبحانه وتعالى؛ لأن النفوس مجبولة على محبة من يحسن إليها.
(١) أخرجه الترمذي ص ٢٠٤١، كتاب المناقب، باب ٣١، في مناقب أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، حديث رقم ٣٧٨٩، وأخرجه الحاكم في مستدركه ٣/ ١٥٠، كتاب الهجرة، ومن مناقب أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وقال الحاكم صحيح الإسناد ولم يخرجاه؛ وقال الذهبي: "صحيح" (المرجع السابق).