قوله تعالى:{ولا تكفرون}؛ {لا} ناهية؛ والنون هنا نون الوقاية، وليست نون الإعراب؛ ومثله قوله تعالى:{فإن للذين ظلموا ذنوباً مثل ذنوب أصحابهم فلا يستعجلون}[الذاريات: ٥٩]؛ ولهذا كانت مكسورة فيهما؛ و {لا تكفرون} أي لا تجحدوني، أو تجحدوا نعمتي؛ بل قوموا بشكرها، وإعلانها، وإظهارها.
الفوائد:
١ ــ من فوائد الآية: وجوب ذكر الله؛ للأمر به؛ مطلق الذكر واجب: يجب على كل إنسان أن يذكر ربه؛ بل كل مجلس يجلسه الإنسان ولا يذكر الله فيه، ولا يصلي على النبي إلا كان عليه ترة ــ أي خسارة، وحسرة يوم القيامة؛ فالعبد مأمور بذكر الله؛ لكن ذكر الله ينقسم إلى فريضة من فرائض الإسلام؛ وإلى واجب من واجباته؛ وإلى سنة من سننه ــ بحسب ما تقتضيه الأدلة؛ إنما مطلق الذكر حكمه أنه واجب.
٢ ــ ومنها: أن مَنْ ذَكر الله ذكره الله؛ لقوله تعالى:{أذكركم}؛ وكون الله يذكرك أعظم من كونك تذكره؛ ولهذا قال الله تعالى في الحديث القدسي:«من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي؛ ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منه»(١)؛ وذكر الله يكون بالقلب، وباللسان، وبالجوارح؛ فالأصل ذكر القلب كما
(١) أخرجه البخاري ص ٦١٦، كتاب التوحيد، باب ١٥: قول الله تعالى: (ويحذركم الله نفسه)، حديث رقم ٧٤٠٥، وأخرجه مسلم ص ١١٤٤، كتاب الذكر والدعوات ... ، باب ١: الحث على ذكر الله تعالى، حديث رقم ٦٨٠٥ [٢] ٢٦٧٥.