واذكروا يا بني إسرائيل إذ قلنا ادخلوا هذه القرية؛ و {ادخلوا} أمر كوني، وشرعي؛ لأنهم أُمروا بأن يدخلوها سجداً وهذا أمر شرعي؛ ثم فُتحت، فدخلوها بالأمر الكوني ..
واختلف المفسرون في تعيين هذه القرية؛ والصواب أن المراد بها: بيت المقدس؛ لأن موسى قال لهم:{ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم}[المائدة: ٢١]؛ و {القرية} هي البلد المسكون؛ مأخوذة من القرْي. وهو التجمع؛ وسميت البلاد المسكونة قرية لتجمع الناس بها؛ ومفهوم القرية في اللغة العربية غير مفهومها في العرف؛ لأن مفهوم القرية في العرف: البلد الصغير؛ وأما الكبير فيسمى مدينة؛ ولكنه في اللغة العربية. وهي لغة القرآن. لا فرق بين الصغير، والكبير؛ فقد سمى الله عزّ وجلّ مكة قرية، كما في قوله تعالى:{وكأين من قرية هي أشد قوة من قريتك التي أخرجتك أهلكناهم فلا ناصر لهم}[محمد: ١٣]: المراد بقريته التي أخرجته: مكة، وقال تعالى:{وكذلك أوحينا إليك قرآناً عربياً لتنذر أم القرى ومن حولها}[الشورى: ٧]: فسمى مكة أم القرى وهو شامل للبلاد الصغيرة، والكبيرة ..
قوله تعالى:{فكلوا منها}: الأمر للإباحة أي فأبحنا لكم أن تأكلوا منها؛ {حيث شئتم} أي في أي مكان كنتم من البلد في وسطها، أو أطرافها تأكلون ما تشاءون؛ {رغداً} أي طمأنينة، وهنيئاً لا أحد يعارضكم في ذلك، ولا يمانعكم ..
قوله تعالى:{وادخلوا الباب} أي باب القرية؛ لأن القرى يجعل لها أبواب تحميها من الداخل، والخارج؛ {سجداً} منصوب على أنه حال من الواو في قوله تعالى: {ادخلوا} أي