لا يتكلمون في مجلسه إلا إذا تكلم؛ وانظر وصف رسولِ قريشٍ النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه، حيث وصفهم بأنه إذا تكلم سكتوا؛ كل ذلك من باب التعظيم.
قوله تعالى:{يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم}؛ هذه هي الجملة السادسة؛ و «العلم» عند الأصوليين: إدراك الشيء إدراكاً جازماً مطابقاً؛ فعدم الإدراك: جهل؛ والإدراك على وجه لا جزم فيه: شك؛ والإدراك على وجه جازم غير مطابق: جهل مركب؛ فلو سئلت: متى كانت غزوة بدر؟ فقلت:«لا أدري» فهذا جهل؛ ولو سئلت: متى كانت غزوة بدر؟ فقلت:«إما في الثانية؛ أو في الثالثة» فهذا شك؛ ولو سئلت: متى كانت غزوة بدر؟ فقلت:«في السنة الخامسة» فهذا جهل مركب؛ والله عز وجل يعلم الأشياء علماً تاماً شاملاً لها جملة، وتفصيلاً؛ وعلمه ليس كعلم العباد؛ ولذلك قال تعالى:{يعلم ما بين أيديهم} أي المستقبل؛ {وما خلفهم} أي الماضي؛ وقد قيل بعكس هذا القول؛ ولكنه بعيد؛ فاللفظ لا يساعد عليه؛ و {ما} من صيغ العموم؛ فهي شاملة لكل شيء سواء كان دقيقاً أم جليلاً؛ وسواء كان من أفعال الله أم من أفعال العباد.
قوله تعالى:{ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء} لها معنيان؛ المعنى الأول: لا يحيطون بشيء من علم نفسه؛ أي لا يعلمون عن الله سبحانه وتعالى من أسمائه، وصفاته، وأفعاله، إلا بما شاء أن يعلمهم إياه، فيعلمونه؛ المعنى الثاني: ولا يحيطون بشيء من معلومه - أي مما يعلمه في السموات، والأرض - إلا بما شاء أن يعلمهم إياه، فيعلمونه؛ وقوله تعالى:{إلا بما شاء} استثناء بدل من قوله تعالى: {شيء}؛ لكنه بإعادة العامل؛ وهي