٩ - ومنها: أنه إذا لزم من فعل المباح شيء محرم صار الشيء المباح حراماً؛ لأن رجوع الزوجة حلال في الأصل؛ فإذا لم يظن الإنسان أنه يقوم بالحدود صار حراماً؛ وهو في الأصل حلال؛ وعلى هذا فنقول: إذا استلزم العقد إبطالاً لواجب، أو وقوعاً في محرم صار ذلك حراماً؛ وهي في مسائل كثيرة؛ منها: لو تبايع رجلان تلزمهما الجمعة بعد ندائها الثاني: فالبيع حرام، والعقد باطل؛ لأنه وقوع فيما حرم الله عزّ وجلّ.
١٠ - ومنها: أنه لا يعرف هذه الحدود، ويتبينها إلا من كان من ذوي العلم؛ فكلما كان أعلم كانت الحدود في حقه أبين وأظهر؛ فطالب العلم يتعلم من اللفظ مسائل أخرى؛ فالعلم يغذي بعضه بعضاً؛ وطالب العلم رابح بكل حال؛ فهو ليس كطالب المال قد يشتري السلعة وهو يظن الربح، ثم يخسر؛ فطالب العلم أيّ مسألة يعلمها فإنها مفتاح له؛ ولهذا قال تعالى:{يبينها لقوم يعلمون}.
١١ - ومن فوائد الآية: أنه لا شيء في دين الله يكون مجهولاً لكل أحد؛ لا من العبادات، ولا من المعاملات؛ فكل شيء مبيَّن؛ فإن قيل: هناك أشياء تشكل على أهل العلم، ولا يعرفون حكمها؟
فالجواب: أن الخلل هنا ليس في النص؛ ولكنه فيمن يستنبط الأحكام من النص؛ فقد يكون لنقص في علمه، أو قصور في فهمه، أو عدوان في قصده؛ ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم:«رُبَّ مبلغ أوعى من سامع»(١)؛ وقد يكون الخلل في إعراض الإنسان
(١) أخرجه البخاري ص ١٣٦ كتاب الحج، باب ١٣٢: الخطبة أيام منى، حديث رقم ١٧٤١.