للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في قصيدته التائية في القدر:

وأمَّا رضانا بالقضاءِ فإنِّما ... أُمرنا بأن نرضى بمثل المصيبة

كسُقْمٍ وفَقْرٍ ثم ذلٍّ وغُربةٍ ... وما كان من مؤذٍ بدون جريمة

فأمَّا الأفاعيلُ التي كُرهت لنا ... فلا نصَّ يأتي في رضاها بطاعة

وقد قال قومٌ من أولي العلم لا رضًا ... بفعلِ المعاصيْ والذنوبِ الكبيرة

فإنَّ إلهَ الخلقِ لم يرضَها فلا ... نرتضي مسخوطةً لمشيئة

وقال فريقٌ: نرتضي بقضائِهِ ... ولا نرتضي المقضيَّ أقبحَ خصلة

وقال فريقٌ: نرتضي بإضافةٍ ... إليه وما فينا فنلقى بسخطةِ (١)

وبيَّن - رحمه الله - أقسام الرِّضا فقال: "وذلك أنَّ الرِّضا نوعان:

أحدهما: الرِّضا بفعل ما أمر به وترك ما نهي عنه، ويتناول ما أباحه الله من غير تعدٍّ إلى المحظور، كما قال: {وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ} (٢)، وقال تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ} (٣) وهذا الرِّضا واجب؛ ولهذا ذمّ من تركه بقوله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ} (٤).

والنوع الثاني: الرِّضا بالمصائب كالفقر والمرض والذُّلِّ، فهذا الرِّضا مستحبٌّ


(١) القصيدة التائية في القدر ١/ ١٩٩.
(٢) سورة التوبة: ٦٢.
(٣) سورة التوبة: ٥٩.
(٤) سورة التوبة: ٥٨.

<<  <   >  >>