للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويقول ابن القيم - رحمه الله -: "ولو تتبَّعنا ما يفيد إثبات الأسباب من القرآن والسُّنَّة لزاد على عشرة آلاف موضع، ولم نقل ذلك مبالغةً بل حقيقة" (١).

وبهذا يتضح أنَّ من نفى الأسباب فقد خالف الكتاب والسُّنَّة وإجماع السَّلف والأئمة وصرائح المعقول.

٣ - الرِّضا بكلِّ مقضيٍّ كيفما كان:

قال ابن عجيبة: "فإذا علمت أيُّها الإنسان أنَّ أنفاسك قد عمَّها القدر، ولا يصدر منك ولا من غيرك إلا ما سبق به علمه، وجرى به قلمه لزمك أن ترضى بكلِّ ما يجري به القضاء، فأنفاسك معدودة، وطرفاتك ولحظاتك محصورة ... وحقيقة الرِّضا هو تلقِّي المهالك بوجهٍ ضاحك" (٢).

ولذلك لا فرق بين الطاعة والمعصية عنده، قال: "وأمَّا خاصَّة الخاصَّة فلا يطلبون شيئًا، ولا يخافون من شيء، صارت الأشياء عندهم شيئًا واحدًا، واستغنوا بشهودٍ واحدٍ عن كلِّ واحد، فهم ينظرون ما يبرز من عنصر القدرة، فيتلقَّونه بالقبول والرِّضا، فإن كان طاعة شهدوا فيها المنَّة، وإن كان معصية شهدوا فيها القهرية، وتأدَّبوا مع الله فيها بالتوبة والانكسار، قيامًا بأدب شريعة النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - المختار" (٣).

والأمر بالرِّضا بكلِّ مرضيٍّ فيه تفصيل، فهل علينا أن نرضى بكلِّ ما قضى الله - عز وجل -؟ الجوابُ: أنَّنا "غير مأمورين بالرِّضا بكلِّ ما يقضيه الله - عز وجل -، ويقدِّره، ولم يرد بذلك كتابٌ ولا سنة" (٤).


(١) شفاء العليل ٢/ ٥٣٢.
(٢) البحر المديد ١/ ٢٣٥.
(٣) إيقاظ الهمم، ص ٢٥٤.
(٤) شرح العقيدة الطحاوية، ص ٢٥٨، وينظر: منهاج السُّنَّة ٣/ ٢٠٥، الاستقامة ٢/ ١٢٥ - ١٢٦.

<<  <   >  >>