للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الصانع حقًّا وإن أثبتوه جعلوا وجوده وجود كل موجود، والذين أثبتوا الصانع وعدلوا به غيره وسوَّوا بينه وبين غيره في العبادة مقالتهم خيرٌ من مقالة هؤلاء الذين جعلوه وجود كلِّ موجود وعين كلِّ شيءٍ تعالى الله عمَّا يقول الكاذبون المفترون علوًّا كبيرًا.

فعليك بالفرق بين السائرين إلى هذه الحقيقة، والسائرين إلى عين الحقيقة الكونية الحكمية" (١).

٢ - نفي الأسباب قلبًا وقالبًا

قال ابن عجيبة: " فإذا أراد تحصيل علم اليقين فلينقطع إلى الله انقطاعًا كُليًّا، ويتجرَّد عن الأسباب قلبًا، وقالبًا، فإنَّ الله يُؤتيه رزقه من غير سبب" (٢).

والمقرر عند أهل العلم أنَّ الله - عز وجل - خلق الأسباب ومسبِّباتها وربطهما شرعًا وقدرًا، دلَّ على ذلك الكتاب والسُّنَّة والإجماع.

الأدلَّة من القرآن، وهي أنواع:

- ترتيب الحكم على ما قبله بحرف أفاد التسبُّب.

كقوله تعالى: {كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ} (٣).

- ترتيب الحكم الشرعي أو الجزائي على الوصف لفيد كونه سببًا له.

كقوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (٤)، وقوله: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} (٥).


(١) طريق الهجرتين ١/ ٣٤٧.
(٢) سلك الدر في ذكر القضاء والقدر، ص ٦٧.
(٣) سورة الحاقة: ٢٤.
(٤) سورة المائدة: ٣٨.
(٥) سورة النور: ٢.

<<  <   >  >>