للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٤ - خروج الدابة.

قال ابن عجيبة في تفسيره لقول الله تعالى: {وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ} (١) وإذا وقع القول عليهم أي: وقع مصداق القول الناطق بمجيء السَّاعة، بأن قرب إتيانها، وظهرت أشراطها، فأراد بالوقوع: دنوه واقترابه، ... و {وقع}: عبارة عن الثُّبوت واللُّزوم، وهذا بمنزلة: حقَّ عليه كلمة العذاب، أي: وإذا انتجز وعد عذابهم الذي تضمَّنه القول الأزلي، وأراد أن ينفذ في الكافرين سابق علمه لهم من العذاب أخرج لهم دابةً من الأرض" (٢).

وقال في موضعٍ آخر عند تفسيره لقول الله تعالى: {وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} (٣) سيريكم آياته قطعًا في الدُّنيا، التي وعدكم بها، كخروج الدابَّة وسائر الأشراط" (٤).

قال ابن كثير - رحمه الله -: "هذه الدابَّةُ تخرج في آخر الزَّمان عند فساد النَّاس وتركهم أوامر الله - عز وجل - وتبديلهم الدين الحق، يخرج الله لهم دابةً من الأرض فتكلِّم الناس على ذلك" (٥).

وقد رود ذكر خروج الدابة في السُّنَّة, فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «بادروا بالأعمال ستًّا: الدجَّال، والدخان، ودابة الأرض، وطلوع الشَّمس من مغربها، وأمر العامة، وخويصة (٦) أحدكم».


(١) سورة النمل: ٨٢.
(٢) البحر المديد ٤/ ٢١٨.
(٣) سورة النمل: ٩٣.
(٤) البحر المديد ٤/ ٢٧٧.
(٥) تفسير القرآن العظيم ٤/ ٢١٩.
(٦) خويصة أي: الواقعة التي تخص أحدكم، يريد حادثة الموت التي تخص كل إنسان، وهي تصغير خاصة، وصغرت لاحتقارها في جنب ما بعدها من البعث والعرض والحساب. ينظر: النهاية في غريب الحديث ٢/ ٣٧.

<<  <   >  >>