للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذاك {لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ} (١)» (٢).

قال القرطبي - رحمه الله -: "قال العلماء: وإنما لا ينفع نفسًا إيمانها عند طلوع الشَّمس من مغربها؛ لأنَّه خلص إلى قلوبهم من الفزع ما تخمد معه كلُّ شهوة من شهوات النَّفس، وتفتر كلُّ قُوَّةٍ من قُوى البدن، فيصير الناس كلهم - لإيقانهم بدنو القيامة- في حال من حضرة الموت؛ في انقطاع الدواعي إلى أنواع المعاصي عنهم، وبطلانها من أبدانهم، فمن تاب في مثل هذه الحال؛ لم تُقبل توبته؛ كما لا تُقبل توبة من حضره الموت" (٣).

ويقول ابن كثير - رحمه الله -: "إذا أنشأ الكافر أيمانًا يومئذ لا يُقبل منه، فأمَّا من كان مؤمنًا قبل ذلك؛ فإن كان مصلحًا في عمله فهو بخير عظيم، وإن كان مخلِّطًا فأحدث توبةً حينئذ لم تُقبل منه توبه" (٤).

وقال ابن أبي زمنين المالكي (٥): "وأهل السُّنَّة يؤمنون بطلوع الشَّمس من مغربها" (٦).


(١) سورة الأنعام: ١٥٨.
(٢) أخرجه مسلم، كتاب الإيمان, باب الزمان الذي لا يقبل فيه الإيمان، ١/ ١٣٨، رقم ١٥٩.
(٣) التذكرة بأحوال الموتى والآخرة ١/ ١٣٤٦.
(٤) تفسير القرآن العظيم ٣/ ٣٧٦.
(٥) أبو عبد الله، محمد بن عبد الله بن عيسى بن محمد المري، الأندلسي، الإلبيري، شيخ قرطبة، ولد في أول سنة ٣٢٤ هـ، وله مصنفات منها: حياة القلوب، وأدب الإسلام، وأصول السُّنَّة، توفي في ربيع الآخر سنة ٣٩٩ هـ. ينظر: سير أعلام النبلاء ١٣/ ١١.
(٦) أصول السُّنَّة، ص ١٨٤.

<<  <   >  >>