للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فإن قيل: روى مسلم من حديث عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "خذوا عني، خذوا عني، قد جعل الله لهن سبيلًا، البكر بالبكر، جلد مائة ونفي سنة، والثيب بالثيب جلد

مائة، والرجم" (١) فالنبي - صلى الله عليه وسلم - فرق بينهما بالثيوبة، فمن فرق بينهما بالإسلام فقد زاد على النص.

[٨٥ ب/ص]

فالجواب: أن هذا / منسوخ؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - ما كان يحكم بعد نزول القرآن إلا بما فيه، وفيه النص على الجلد فقط وكذا على الرجم فقط.

فإن قيل: روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " إذا قبلوا عقد الذمة فأعلموهم أن لهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين" والرجم على المسلم الثيب فكذا على الكافر.

فالجواب: أن الرجم غير واجب على كافة المسلمين؛ بل على الزناة المحصنين دون غيرهم، والكافر غير محصن (٢).

ثم اعلم أن العلماء أجمعوا على وجوب حد جلد الزاني البكر مائة ورجم المحصن وهو الثيب، ولم يخالف في هذا أحد من أهل القبلة إلا ما حكى القاضي عياض وغيره عن الخوارج وبعض المعتزلة كالنظام وأصحابه؛ فإنهم لم يقولوا بالرجم (٣).

واختلفوا في جلد الثيب مع الرجم؛ فقالت طائفة: يجب الجمع بينهما فيجلد ثم يرجم. وبه قال ابن أبي طالب، والحسن البصري، وإسحاق بن راهويه، وداود، وأهل الظاهر، وبعض أصحاب الشافعي (٤).


(١) صحيح مسلم، كتاب الحدود، باب حد الزنى (٣/ ١٣١٦) (١٦٩٠).
(٢) إيثار الإنصاف في آثار الخلاف، يوسف بن قزأوغلي- أو قزغلي - ابن عبد الله، أبو المظفر، شمس الدين، سبط أبي الفرج ابن الجوزي (المتوفى: ٦٥٤ هـ) المحقق: ناصر العلي الناصر الخليفي، الناشر: دار السلام - القاهرة، الطبعة: الأولى، ١٤٠٨ (٢٠٦).
(٣) إكمال المعلم (٥/ ٥٠٥)، وشرح صحيح مسلم (١١/ ١٨٩).
(٤) المحلى [مسألة الحر والحرة إذا زنيا وهما محصنان] (١٢/ ١٧٤ - ١٧٥).