للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

قال الطيبي: فيه معنى التعجب, كأنّه تعجب لذلك منه, واستغرب لمقاومته المصيبة وعهده منه أنّه يحث على الصبر, وينهى عن الجزع فأجابه - صلى الله عليه وسلم - (١) , (فَقَالَ: «يَا ابْنَ عَوْفٍ إِنَّهَا) أي: الحالة التي شاهدتها مني (رَحْمَةٌ) أي: رقة وشفقة على الولد تنبعت عن التأمل فيما هو فيه, لا ما توهمت من الجزع وقلة الصبر.

ووقع في حديث عبدالرحمن بن عوف نفسه, فقلت: يا رسول الله (٢) تبكي؟ أولم تنه عن البكاء؟ وزاد فيه: "إنما نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين: صوت عند نغمة لهو ولعب ومزامير الشيطان، وصوت عند مصيبة خمش وجوه، وشق جيوب، ورنّة شيطان، وإنّما هذا رحمة ومن لا يَرحم لا يُرحم" (٣). وفي رواية محمود بن لبيد, فقال: "إنما أنا بشر", وفي رواية: عبد الرزاق من مرسل مكحول: "إنّما أنهى الناس عن النياحة: أن يندب الرجل بما ليس فيه" (٤).

(ثُمَّ أَتْبَعَهَا) - صلى الله عليه وسلم - , (بِأُخْرَى) وفي رواية الإسماعيلي: "ثم أتبعها والله بأخرى" بزيادة القسم أي: أتبع الدمعة الأولى بالأخرى, وأتبع الكلمة الأولى المجملة, وهي قوله: " إنها رحمة" بكلمة أخرى مفصلة وهي قوله: "إن العين. . . ", إلى آخره, ويؤيد الثاني ما تقدم من طريق عبدالرحمن ومرسل مكحول.

(فَقَالَ) رسول الله, (- صلى الله عليه وسلم -: إِنَّ الْعَيْنَ تَدْمَعُ، وَالْقَلْبَ) بالنص والرفع, (يَحْزَنُ) لرقته من غير سخط لقضاء الله تعالى, (وَلَا نَقُولُ إلَّا مَا يَرْضَى) من الرضى, أو من الإرضاء, (رَبُّنَا) بالرفع أو


(١) الكاشف عن حقائق السنن (٤/ ١٤١٥)
(٢) سقط لفظ الجلالة في ب.
(٣) المستدرك على الصحيحين، ذكر سراري رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأولهن مارية القبطية أم إبراهيم (٤/ ٤٣) (٦٨٢٥)، من طريق عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن عطاء، عن جابر، عن عبد الرحمن بن عوف، إسناد ضعيف فيه محمد بن عبد الرحمن الأنصاري وهو ضعيف الحديث، قال البخاري: صدوق ولا أروي عنه شيئًا؛ لأنه لا يدرى صحيح حديثه من سقيمه وضعف حديثه جدًا. وحذفه الذهبي من التخليص. وحسنه البغوي في شرح السنة (٥/ ٤٣١).
(٤) مصنف عبد الرزاق، كتاب الجنائز، باب الصبر والبكاء والنياحة (٣/ ٥٥٢)، (٦٦٧١)، من طريق: سفيان بن عيينة، عن ابن أبي حسين، عن مكحول.