للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

[١٦٠ أ/ص]

وفي /رواية حميد: "بخير ما كان" (١) , والكلّ متقارب المعاني.

(وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ قَدِ اسْتَرَاحَ) عنت أم سليم أنّه قد استراح من نكد الدنيا وتعبها, وهو من حسن المعاريض, وهو ما احتمل معنيين, وهذا من أحسنها؛ فإنها أخبرت بكلام لم تكذب فيه ولكن ورت به عنى المعنى الذي كان يحزنه, ألا ترى أن نفسه قد هدأت كما قالت بالموت وانقطاع النفس, وأوهمته أنه استراح من قلقه.

وقال ابن بطال: هدأ نفسه من معاريض الكلام (٢)، وأرادت بسكون النفس: الموت, وظنّ أبو طلحة: أنّها تريد به سكون نفسه من المرض, وزوال العلة وتبدلها بالعافية, وأنّها صادقة فيما خيل إليه في ظاهر قولها وبارك الله لهما بدعائه - صلى الله عليه وسلم - , فرزقا تسعة أولاد من القرّاء الصلحاء, وذلك بصبرها فيما نالها ومراعاتها زوجها, وإنّما لم تجزم بكونه استراح, بل قالت: أرجو أدبًا أو لم تكن عالمة بأن الطفل لا عذاب عليه, ففوضت الأمر إلى الله تعالى مع وجود رجائها بأنه استراح من نكد الدنيا (٣).

(وَظَنَّ أَبُو طَلْحَةَ أَنَّهَا صَادِقَةٌ) أي: بالنسبة إلى ما فهمه من كلامها وإلا فهي صادقة بالنسبة إلى ما أرادت جزمًا, ولذا ورد "أن في المعاريض لمندوحة عن الكذب" (٤).

(قَالَ) أنس - رضي الله عنه -: (فَبَاتَ) أي: بات أبو طلحة مع امرأته المذكورة, وهذه كناية عن الجماع, لقوله: (فَلَمَّا أَصْبَحَ اغْتَسَلَ)؛ لأن الاغتسال غالبًا لا يكون إلا من الجماع, وقد وقع التصريح بذلك في رواية أنس بن سيرين: "فقرّبت إليه العشاء فتعشىّ, ثمّ أصاب منها" (٥).


(١) الطبقات الكبرى (٥/ ٥٦).
(٢) شرح صحيح البخارى لابن بطال (٣/ ٢٨٥).
(٣) عمدة القاري (٨/ ٩٨).
(٤) أخرجه البيهقي في سننه الكبرى، باب: المعاريض فيها مندوحة عن الكذب (١٠/ ٣٣٦)، من طريق سعيد - هو ابن أبي عروبة، عن قتادة، عن مطرف، عن عمران بن الحصين، وقال: هذا هو الصحيح موقوفًا.
(٥) صحيح البخاري، كتاب العقيقة، باب تسمية المولود غداة يولد، لمن لم يعق عنه، وتحنيكه (٧/ ٨٤)، (٥٤٧٠).