للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فالإنقاء يكفي، أي: ولو بواحد، ثُمَّ الزيادة على الثلاثة مختصة بالميت دون الحي؛ فإنه لا يزيد على الثلاث، والفرق أن طهارة الحي محض تعبد، وهنا لمقصود هو الإنقاء (١).

(بِمَاءٍ وَسِدْرٍ) الباء يتعلق بقوله: اغسلنها، قال الطيبي: ناقلًا عن المظهر قوله بماء وسدر لا يقتضي استعمال السدر في جميع الغسلات، والمستحب استعماله (٢) في الكرة الأولى؛ ليزيل الأقذار، ويمنع من تسارع الفساد (٣)، وقال ابن العربي: قوله بماء وسدر أصل في جواز التطهير بالماء المضاف إذا لم يسلب الإطلاق (٤)، وقال ابن التين: قوله بماء وسدر هو السنة في ذلك والخطمي مثله؛ فإنَّ عدم فما يقوم مقامه كالأشنان والنطرون، قيل: ولا معنى لطرح ورق السدر في الماء، كما يفعله العامة، بل يحك الميت بالسدر، ويصب عليه الماء؛ فتحصل طهارته بالماء (٥) وعن ابن سيرين أنه كان يأخذ الغسل عن أم عطية فيغسل بالماء والسدر مرتين والثالثة بالماء والكافور، ومنهم من ذهب إلى أن الغسلات كلها بالماء والسدر، وهو قول أحمد ذكره أبو عمر (٦).

(وَاجْعَلْنَ فِي) الغسلة (الآخِرَةِ) ويروي الأخيرة (كَافُورًا، أَوْ شَيْئًا مِنْ كَافُورٍ) وهو شك من الراوي، والأول محمول على الثاني؛ لأنه نكرة في سياق الإثبات؛ فيصدق بكل شيء منه؛ ولو قليلًا، وظاهره جعل الكافور في الماء، وبه قال البعض، وقال النخعي والكوفيون: إنما يجعل الكافور في الحنوط أي بعد انتهاء الغسل والتجفيف (٧)، قيل: والحكمة في الكافور مع كونه يطيب مواضع استعماله أنَّ الجسم يتصلب به، وتنفر الهوام من رائحته، وفيه: إكرام الملائكة، ويرتدع ما يتحلل من الفضلات، ويمنع إسراع الفساد إليه لشدة برودته، وهذا هو السر في جعله في الأخيرة؛ إذ لو كان في الأول مثلًا لأذهبه الماء.


(١) فتح الباري (٣/ ١٢٩).
(٢) [استعمالها] في ب.
(٣) شرح مشكاة المصابيح للطيبي (٤/ ١٣٨٥).
(٤) عارضة الأحوذي شرح صحيح التِّرْمِذِي (٤/ ٢١٠).
(٥) عمدة القاري (٨/ ٤٠).
(٦) التمهيد (١/ ٣٧٥).
(٧) فتح الباري (٣/ ١٢٩).