للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وتعقبه المنذري بأنَّ أم كلثوم توفيت والنَّبي - صلى الله عليه وسلم - ببدر؛ فلم يشهدها (١)، وهو غلط منه؛ فإنَّ التي توفيت حينئذ رقية، وعزاه النووي تبعًا لعياض إلى بعض أهل السير (٢).

قال الحافظ العسقلاني: وهو قصور شديد؛ فقد أخرجه ابن ماجة، عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن عبد الوهاب الثقفي عن أيوب، ولفظه: "دخل علينا ونحن نغسل ابنته أم كلثوم" (٣)، وهذا الإسناد على شرط الشيخين، ويمكن الجمع: بأن تكون أم عطية حضرتهما جميعًا؛ (٤) فقد جزم ابن عبد البر في ترجمتها بأنها كانت غاسلة الميتات، والله أعلم (٥).

(فَقَالَ) - صلى الله عليه وسلم - (اغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا) وفي رواية هشام بن حسان عن حفصة: اغسلنها وترًا ثلاثًا، أو خمسًا (٦)، وكلمة "أو" هنا للتنويع، والنص على الثلاث أولًا إشارة إلى أن المستحب الإيتار، ألا ترى أنه نقلهن من الثلاث إلى الخمس دون الأربع، وقال الحافظ العسقلاني: "أو" هنا للترتيب، لا للتخيير (٧). وتعقبه العيني: بأنه لم ينقل عن أحد أن أو يجيء للترتيب، وقد ذكر النحاة أن "أو" تأتي لاثني عشر معنى، وليس فيها ما يدل على أنها تجيء للترتيب (٨).

والظاهر: أنه أخذه من الطيبي؛ فإنَّه نقل من المظهر شرح المصابيح أن "أو" فيه للترتيب دون التخيير؛ إذ لو حصل النقاء بالغسلة الأولى استحب التثليث، وكره التجاوز عنه؛ فإنْ حصل


(١) مختصر سنن أبي داود، للحافظ المنذري (٤/ ٣٠٠). تحقيق: أحمد محمد شاكر ومحمد حامد الفقي، مطبعة السنة المحمدية، ١٣٦٨ هـ -١٩٤٩ م.
(٢) إِكمَالُ المُعْلِمِ بفَوَائِدِ مُسْلِم، عياض بن موسى بن عياض بن عمرون اليحصبي السبتي، أبو الفضل (المتوفى: ٥٤٤ هـ) الدكتور يحْيَى إسماعيل، دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع، مصر، الطبعة: الأولى، ١٤١٩ هـ - ١٩٩٨ م (٣/ ٣٨٨).
(٣) سنن ابن ماجة، كتاب الجنائز، باب ما جاء في غسل الميت (١/ ٤٦٨)، (١٤٥٨) إسناده صحيح.
(٤) فتح الباري (٣/ ١٢٧).
(٥) الاستيعاب في معرفة الأصحاب (٤/ ١٩٤٧).
(٦) صحيح البخاري، كتاب الجنائز، باب يلقى شعر المرأة خلفها (٢/ ٧٥) (١٢٦٣)
(٧) فتح الباري (٣/ ١٢٩).
(٨) ينظر عمدة القاري (٨/ ٣٨).