للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

إلى أهله، فضمير نفسه للميت، وهو مفعول ينعى، وفي رواية الأصيلي سقط ذكر الأهل، وليس لها وجه (١).

وأشار المهلب إلى أن في الترجمة خللًا، قال: والصواب أنْ يقول: باب الرجل ينعى إلى الناس الميت بنفسه، وإليه مال ابن بطال؛ فقال: في الترجمة خلل (٢).

ومقصود البخاري: باب الرجل ينعى إلى الناس الميت بنفسه، بنصب الميت على أنه مفعول ينعى.

وقال الكرماني: لا خلل فيه لجواز حذف المفعول عند القرينة (٣)، وقال الحافظ العسقلاني: والتعبير بالأهل لا خلل فيه؛ لأن مراده به ما هو أعم من القرابة وأخوة الدين وهو أولى من التعبير بالناس؛ لأنه يخرج من ليس له به أهلية كالكفار (٤).

وفيه: أن الأهل لا يُستعمل عرفًا في أخوة الدين، والظاهر أنَّ المراد من هذه الترجمة دفع توهم أن هذا من إيذاء أهل الميت وإدخال الكرب والمصاب والمساءة عليهم، والإعلام بأنه أمر مباح؛ وذلك لأنه وإن كان فيه ما ذكر؛ لكنَّ فيه مصالح جمة، مما يترتب على معرفة ذلك من المبادرة لشهود جنازته، وتهيئة أمره، والصلاة عليه، والدعاء له، والاستغفار، وتنفيذ وصاياه، وغير ذلك (٥)، بل صرح النووي في المجموع باستحبابه؛ لحديث الباب: ولنعيه - صلى الله عليه وسلم - للناس جعفر بن أبي طالب، وزيد بن حارثة، وعبد الله بن رواحة - رضي الله عنهم - (٦).

نعم يُكرَه نعي الجاهلية، وكانت عادتهم إذا مات منهم شريف بعثوا راكبًا إلى القبائل يقول: يا نعاء العرب، أي: هلكت العرب بهلاك فلان، ويكون مع النعي ضجيج، وبكاء، ونياحة؛ وسيأتي تتمة لذلك إن شاء الله -تعالى-.


(١) إرشاد الساري (٢/ ٣٧٨).
(٢) شرح صحيح البخاري لابن بطال (٣/ ٢٤٣).
(٣) الكواكب الدراري (٧/ ٥٦).
(٤) ينظر فتح الباري: (٣/ ١١٦).
(٥) الفتح الباري (٣/ ١١٧).
(٦) المجموع (٥/ ١٧٠).