للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الله قد أكرمه (١) (فَقُلْتُ: بِأَبِي أَنْتَ) أي: مَفْديٌّ بأبي أنت (يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَنْ يُكْرِمُهُ اللَّهُ) أي: هو مؤمن خالص مطيع، فإذا لم يكن هو من المكرمين من عند الله، فمن يكرمه الله؟

(فَقَالَ) وفي رواية: قال (٢) - صلى الله عليه وسلم -: (أَمَّا هُوَ) أي: عثمان - رضي الله عنه - (فَقَدْ جَاءَهُ الْيَقِينُ) أي: الموت (وَاللَّهِ إِنِّي لأَرْجُو لَهُ الْخَيْرَ) وكلمة: أما، تقتضي القسيم، وقسيمها هنا مقدر، والتقدير: وأمَّا غيره؛ فخاتمة أمره غير معلومة، أهو ممن يرجى لهم الخير عند اليقين أم لا؟ (وَاللَّهِ مَا أَدْرِى - وَأَنَا رَسُولُ اللَّهِ) - صلى الله عليه وسلم - (مَا يُفْعَلُ بِي) كلمة ما موصولة أو استفهامية، وفي رواية الكشميهني ما يُفعَل به؟ أي بعثمان (٣).

[٩٠ أ/س]

قال الحافظ العسقلاني: وهو غلط منه؛ فإن المحفوظ في رواية الليث هو الأول؛ ولذلك عقبه المؤلف برواية نافع بن يزيد عن عقيل، التي لفظها "ما يفعل به" وعلَّق منها هذا القدر فقط إشارة إلى أن باقي الحديث لم يختلف فيه (٤). ثم قوله: ما يفعل بي، هو الموافق لما في سورة الأحقاف من قوله -تعالى-: {قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا} [الأحقاف: ٩]، البِدْع بمعنى البديع، كالخف بمعنى الخفيف، كانوا يقترحون عليه الآيات، ويسألونه عما لم يوح إليه من الغيوب، فقيل له: قل: ما كنت بِدْعًا من الرسل فآتيكم /بكل ما تقترحونه، وأخبركم بكل ما تسألون عنه من المغيبات فإن الرسل لم يكونوا يأتون إلا بما آتاهم الله من آياته، ولا يخبرون إلا بما أوحى إليهم، ولقد أجاب موسى - عليه السلام - عن قول فرعون: {فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى (٥١)} [طه: ٥١] بقوله: {عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي} [طه: ٥٢] وما أدري؛ لأنه لا علم لي بالغيب، وما يفعل بي ولا بكم، أي ما يفعل الله بي وبكم فيما يستقبل من الزمان من أفعاله، ويقدر لي ولكم من قضاياه؛ إن أتبع إلا ما يوحى إليَّ؛ وعن الحسن: وما أدري ما


(١) إرشاد الساري (٢/ ٣٧٧).
(٢) إرشاد الساري (٢/ ٣٧٧).
(٣) إرشاد الساري (٢/ ٣٧٧).
(٤) فتح الباري (٣/ ١١٥).