للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

للتمسك بدين محمد - صلى الله عليه وسلم -، لا للانقلاب عنه، وإنما ذكر القتل وقد علم أنه لا يقتل لكونه مجوزا عند المخاطبين.

فإن قيل: أما علموه من قوله -تعالى- {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة: ٦٧]؟

فالجواب: أن هذا مما يختص بالعلماء منهم وذوي البصيرة، ألا ترى أنهم سمعوا بخبر قتله فهربوا في غزوة أحد، على أنه يحتمل العصمة من فتنة الناس، وإضلالهم؛ والمراد من الانقلاب على الأعقاب: الأدبار، عما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقوم به من الجهاد وغيره.

[٣٩ ب/س]

وقيل: الارتداد وما ارتد أحد من المسلمين ذلك اليوم في تلك الغزوة إلا ما كان من قول المنافقين، ويجوز أن يكون على وجه التغليظ عليهم فيما كان منهم من الفرار، والانكشاف عن رسول الله، - صلى الله عليه وسلم - وإهماله؛ "ومن {وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا (١٤٤)} [آل عمران: ١٤٤] يعني: فما ضر إلا نفسه؛ لأن الله -تعالى- لا يجوز عليه المضار والمنافع، {وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ} الذين (١) لم ينقلبوا، كأنس بن النضر وأضرابه، وسماهم شاكرين /لأنَّهم شكروا نعمة الإسلام فيما فعلوا (٢).

رُوِيَ أنه لما رَمَى عبدُ الله بن قمئة الحارثي رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - بحجر فكسر رباعيته، وشج وجهه؛ أقبل يريد قتله، فذب عنه مصعب بن عمير -، وهو صاحب الراية يوم بدر ويوم أحد- حتى قتله ابن قمئة، وهو يُرى، أي: يظن أنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فقال: قد قتلت محمدًا، وصرخ صارخ: ألا إن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - قد قتل، وقيل: كان الصارخ الشيطان، ففشا في الناس خبر قتله، فانكفؤوا، أي: رجعوا من موضع الحرب، فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدعو إلّى عباد الله حتى انحازت إليه طائفة من أصحابه،


(١) [الذين] في ب.
(٢) الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل، أبو القاسم محمود بن عمرو بن أحمد، الزمخشري جار الله (المتوفى: ٥٣٨ هـ) دار الكتاب العربي - بيروت، الطبعة: الثالثة - ١٤٠٧ هـ (١/ ٤٢٤).