للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(أُوصِى) أنا (الْخَلِيفَةَ) نصب على أنه مفعول: أوصى، (مِنْ بَعْدِى بِالْمُهَاجِرِينَ الأَوَّلِينَ) وهم الذين هاجروا قبل بيعة الرضوان، أو الذين صلوا إلى القبلتين، أو الذين شهدوا بدرًا. (خَيْرًا، أَنْ يَعْرِفَ لَهُمْ حَقَّهُمْ) بفتح همزة "أن" تفسير لقوله: خيرًا، أو بيان له.

[١٢٦ ب/ص]

(وَأَنْ يَحْفَظَ لَهُمْ حُرْمَتَهُمْ، وَأُوصِيهِ) أنا أيضًا (بِالأَنْصَارِ خَيْرًا الَّذِينَ) صفة للأنصار, وجاز مع كونه مفصولًا بقوله: خيرًا؛ لأنه ليس أجنبيًا من الكلام، أو خبر مبتدأ محذوف/ أي: هم الذين، أو مفعول فعل محذوف، أي: أعني الذين. (تَبَوَّءُوا) أي: استقروا ولزموا (الدَّارَ) أي: المدينة، قدمها عمرو بن عامر حين رأى بسد مأرب ما دل (١) على فساده فاتخذها وطنًا لما أراد الله من كرامة الأنصار بنصرة نبيه - صلى الله عليه وسلم - وبالإسلام (٢).

(وَالإِيمَانَ) قال محمد بن الحسن (٣): الإيمان: اسم من أسماء المدينة (٤)؛ وذلك لأنها دار الهجرة ومكان ظهور الإيمان فسميت بالإيمان، أو المراد: ودار الإيمان، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه فإن لم يكن كذلك فيمكن أن يكون المعنى جعلوا الإيمان مستقرًا لهم كما جعلوا المدينة مستقرًا لهم، أي: لزموا المدينة والإيمان وتمكنوا فيهما، أو نصب بعامل مقدَّر أي: وأخلصوا الإيمان. وأجابوا إليه من قبل أن يهاجر إليهم, فيكون من قبيل قوله:

علفتها تبنًا وماء باردًا (٥).


(١) ورد في التوضيح، وعمد القاري (ما دله).
(٢) التوضيح (١٠/ ٢٠٢).
(٣) هو محمد بن الحسن بن زبالة، المتوفى سنة (١٩٩ هـ). له كتاب: أخبار المدينة، من أقدم الكتب التي اُلفت عن المدينة المنورة؛ والكتاب أصله مفقود. ترجمته في: تهذيب الكمال في أسماء الرجال (٢٥/ ٦١) (٥١٤٧).
(٤) ذكره ابن حجر في "الفتح" ٧/ ١١٠ وقال: زعم محمد بن الحسين بن زبالة أن الإيمان اسم من أسماء المدينة، واحتج بالآية، ولا حجة له فيها.
(٥) هذا البيت من الشواهد التي لم يذكر العلماء نسبتها إلى قائل معين، شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك (٢/ ٢٠٧).