للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

عاملين" (١)، وكذا أخرجه مسلم من طريق أبي صالح، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - بلفظ "فقال رجل: يا رسول الله أرأيت لو مات قبل ذلك (٢)؟ " (٣)

(فائدة) أخرج أبو داود عن عقبة، عن ابن وهب، سمعت مالكًا، وقد قيل له: إن أهل الأهواء يحتجون علينا بهذا الحديث، يعني: قوله: " فأبواه يهودانه أو ينصرانه" فقال مالك: احتج عليهم بآخره، " الله أعلم بما كانوا عاملين" (٤)، ووجه ذلك أن أهل القدر استدلوا على أن الله تعالى فطر العباد على الإسلام, وأنه لا يضل أحدًا, وإنما يضل الكافر أبواه, فأشار مالك إلى الرد عليهم بقوله: "الله أعلم بما كانوا عاملين" , فهو دال على أنه يعلم بما يصيرون إليه بعد إيجادهم على الفطرة, فهو دليل على تقدم العلم الذي ينكره غلاتهم, ومن ثمه قال الشافعي: إن أهل القدر إن أثبتوا العلم خصموا (٥).

(حَدَّثَنَا آدَمُ) هو ابن أبي أياس قال: (حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ) محمود بن عبدالرحمن (عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ: قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -: «كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ) قد مضى ما يتعلق بهذا الحديث مبسوطًا في "باب: إذا أسلم الصبي"؛ لكن لا بأس علينا في أن نذكر هنا ما فاتنا هناك فنقول: قال ابن عبد البر- نقلًا عن ابن مبارك -: أن المراد أنه يولد على ما يصير إليه من سعادة أو شقاوة؛ فمن علم الله أنه يصير مسلمًا ولد على الإسلام ومن علم الله أن يصير كافرًا ولد على الكفر فكأنه أوّل الفطرة بالعلم (٦).


(١) صحيح البخاري، كتاب القدر، باب: الله أعلم بما كانوا عاملين (٨/ ١٢٣) (٦٥٩٩).
(٢) * أي: قبل أن يهوّده أبواه.
(٣) صحيح مسلم، كتاب القدر، باب معنى كل مولود يولد على الفطرة وحكم موت أطفال الكفار وأطفال المسلمين (٤/ ٢٠٤٨) (٢٦٥٨).
(٤) سنن أبي داود، كتاب السنة، باب في ذراري المشركين (٤/ ٢٢٩) (٤٧١٥)، من طريق يوسف بن عمرو، أخبرنا ابن وهب. قول مالك رجاله ثقات.
(٥) شرح العقيدة الطحاوية، صدر الدين محمد بن علاء الدين عليّ بن محمد ابن أبي العز الحنفي، الأذرعي الصالحي الدمشقي (المتوفى: ٧٩٢ هـ) تحقيق: جماعة من العلماء، تخريج: ناصر الدين الألباني، دار السلام للطباعة والنشر التوزيع والترجمة (عن مطبوعة المكتب الإسلامي)
الطبعة: الطبعة المصرية الأولى، ١٤٢٦ هـ - ٢٠٠٥ م (ص: ٢٧١).
(٦) التمهيد (١٨/ ٦٦)، وشرح النووي على مسلم (٣/ ٢٤٩).