بأسرع منها ولا مفزع=يقمصه رخصه بالوتر
-قال أبو علي: الريعان، أول كل شيء والعجلزة: الصلبة، تجمع على عجالز، وقوله: "نوزفت" من نزيف البئر، و"اعتزمت": أعطت أقصى ما عندها، والسوذنيق: الشاهين، وقالوا: الصقر والأجدل: الصقر.
والخمر: ما واراك من شجر أو غيره، وسميت الخمر خمراً من ذلك، لأنها تواري العقل، والمفزع: السهم العريض.
[١٣٢ ومن هذا النوع قول الراجز:]
يا رب مهر مزعوق ... مقيل أو مغبوق
من لين الدهم الروق ... متى شتى كالذعلوق
أسرع من طرف الموق ... وطائر وذي فوق
وكل شيء مخلوق
-المزعوق: النشيط، والذعلوق: الغصن، مقيل: شرب القايلة، وهو نصف النهار.
[١٣٣ وقد أحسن بعض المحدثين بقوله في صفة سرعة فرس رجز:]
يكاد أن تسبقه أفياؤه ... كأنما قدامه وراؤه
[١٣٤ ومن الإغراق في اللمس، قول أبي صخر الهذلي طويل:]
تكاد يدي تندى إذا ما لمستها ... وينبت في أطرافها الورق الخضر
[١٣٥ ومن التسليم لدخول "لو" فيه، قول زهير بسيط:]
لو كان يقعد فوق النجم من كرم ... قوم بأولهم أو مجدهم قعدوا
فأخذه أبو دلامه فقال بسيط:
لو كان يقعد فوق النجم من كرم ... قوم لقيل اقعدوا يا آل عباس
[١٣٦ قال أبو علي: ووجدتهم يستحسنون قول قيس بن الذريح طويل:]
فلو أن ليلى العامرية سلمت ... عليّ ودوني تربة وصفائح
أسلمت تسليم البشاشة أو زفا ... إليها صدى من جانب القبر صادح
[١٣٧ وهذان البيتان ينظران إلى قول الأعشى سريع:]
لو اسندت ميتاً إلى نحرها ... عاش ولم ينقل إلى قابر
حتى يقول الناس مما رأوا ... يا عجباً للميت الناشر
[١٣٨ وقد صرح أبو النجم بسرقته فقال رجز:]
لو أسندت ميتاً إليها لنشر ... أو مسحت عن عين أعمى لنظر
١٣٩ قال أبوعلي: أنشدني أبو عبد الله الحكيمي قال: أنشدني أحمد بن يحيى قال: ولا أعرف في الإغراق أبعد منها لجرير وافراً:
فلو وضعت بني نمير=على خبث الحديد إذن لذابا -وصفهم بكثرة الفسق، يقول: يكادون يذيبون خبث الحديد من شدته وتلهبه.
إذا غضبت عليك بنو تميم ... حسبت الناس كلهم غضابا
[١٤٠ وأخذ هذا المعنى -وهو معنى البيت الأخير- أبو نواس.]
ونقله من القبيل إلى رجل واحد، فقال وأحسن سريع:
وليس لله بمستنكر ... أن يجمع العالم في واحد
[١٤١ ومن الإغراق البعيد قول أبي العجل القيني طويل:]
أضاءت لهم أحسابهم وحلومهم ... دجى الليل حتى نظم الجزع ثاقبه
[١٤٢ وقو أبي وجزة السعدي وافر:]
ألا عللاني فالتعلل أروح ... وينطق ما شاء اللسان المصرح
بإجانة لو كان يكرع بازل ... من البخت فيها ظل بالسيف يسبح
أَحْسَنُ اِبْتِدَاءٍ ابْتَدَأَ بِهِ شاعرٌ قصيدتَه
١٤٣ قال أبو علي: أخبرنا محمد بن عبد الواحد قال: أخبرنا أحمد بن يحيى، عن أبي نصر، عن الأصمعي، قال: "لامرئ القيس بيت لم يسبقه إليه أحد، ولا ابتدأ بمثله شاعر، وقف فيه واستوقف، وبَكَى واستبكى، وذكر الأحبة والمنازل، وَوَصَفَ الدّمَنَ فقال: طويل:
قفا نبك من ذكرى حبيبٍ ومنزل ... يسقط اللِّوى بيْن الدَّخول فحوملِ
١٤٤ أخبرنا عبد الله بن جعفر بن درستويه، عن محمد بن يزيد قال أخبرنا أبو العالية عن الأصمعي عن أبي عمرو بن العلاء قال: "الابتداءات البارعة التي تقدم أصحابُها فيها خمسة:
أولها: قول النابغة طويل:
كِلِيني لهمٍّ يا أُمَيْمَةَ ناصبٍ ... وليل أقاسيه بَطِيء الكواكبِ
وقوله أيضاً بسيط:
يا دار ميَّة بالعلياء فالسَّنَد ... أَقْوَتْ وطال علَيْها سالفُ ألأَبَدِ
ثانيها: وقول علقمة بن عبدة طويل:
طَحَا بِكَ قلْبٌ في الحِسانِ طَرُوبُ ... بُعَيْدَ الشباب عصْرَ حينَ مشيب
وقوله بسيط:
هَلْ ما عَلِمْتَ وما استُودعْتَ مكتومُ ... أم حَبْلُها إِذ نأتك اليَومَ مَصْرُومُ
ثالثها وقول امرئ القيس طويل:
قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل ... يسقط اللوى بين الدخول فحومل
ولم يَسْبِقْه أَحَدٌ إليه.