فقال: يا أبا بكرٍ، لعلّك أغضَبْتَهُم؟ لئن كُنْتَ أغضبْتَهُم لقدْ أغْضَبْتَ رَبَّكَ، فأتاهُم أبو بكر، فقال: يا أخوتاه، أغْضَبْتُكم؟! قالوا: لا. يغْفرُ اللهُ لكَ يا أَخي " (١).
وانظر كيف يخبر النَّبيُّ ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ أنّ أبا بكر الصّديق ـ خير من طلعت عليه الشّمسُ من الرّجال بعد النّبيّين ـ إن كان أغضب أحداً من الصّحابة فقد أغضب ربَّه! فما بالك بمن يَسُبُّ الصّحابة وهو ليس واحداً منهم!
المغايرة في الجزاء بين أذى الرّسول ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ وأذى غيره
انظر كيف غاير الله تعالى وخالف في الجزاء بين أذى الرّسول وأذى غيره من المؤمنين والمؤمنات! فرتبة المؤمنين والمؤمنات دون رتبة النَّبيِّ ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ وأذى النَّبيِّ ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ ليس كأذى أَحَدٍ من النّاس، فتدبّر
حكم الاستهزاء بالنَّبيِّ ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ
لمّا توجّه النَّبيُّ ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ إلى تبوك وكان معه ثلاثون ألفاً من أصحابه ـ رضي الله عنهم ـ، وإذ بجماعة من المنافقين ومرضى القلوب يهزؤون بالنَّبيِّ ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ ويسخرون منه، فذهب النَّبيُّ ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ إليهم يسألهم عن ذلك، قال تعالى:{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ} يا أيّها الرّسول عن استهزائهم وهم سائرون إلى تبوك {لَيَقُولُنَّ} معتذرين {إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ} في الحديث لنقطع به الطّريق {قُلْ} لهم: {أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (٦٥) لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ ... (٦٦)} [التوبة].
(١) مسلم " صحيح مسلم بشرح النّووي " (م ٨/ج ١٦/ص ٦٦) كتاب فضائل الصّحابة.