للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كيف يخفى على هؤلاء أنّ الله تعالى أنزل عذرها من السّماء في القرآن، وأنّها جُعِلت طيّبة لطيّب، قال تعالى: {وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (٢٦)} [النّور] وحيث كان النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أطيب الطيّبين اتّضح أنّ الصّدّيقة بنت الصّدّيق كانت من أطيب الطّيبات، وأنها بريئة بشهادة الله تعالى {أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ ... (٢٦)} [النّور] فهذا نصّ صريح على براءتها ممّا رماها به أهل الإفك.

ولا يخفى ما في اسم الإشارة {أُولَئِكَ} من معنى البعد للإيذان بعلو رتبة المشار إليهم وشرفهم، والآية الكريمة تحمل على معان كثيرة مآلها إلى تنزيه الصّدّيقة بنت الصّدّيق، فما كان الله ليجعلها زوجة لأحبِّ الخلق إليه لولا أنّها طاهرة من سلالة طاهر.

فليحذر الذين يرمون عائشة ـ رضي الله عنها ـ {إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ (١٥)} [النور] فبراءة عائشة ـ رضي الله عنها ـ من الإفك براءة قطعيّة بنص القرآن الكريم، وبأحاديث شريفة صحيحة، لا سقيمة ولا معلولة، فلا عذر لمرتاب أبداً!

ومن رمى عائشة ـ رضي الله عنها ـ فكأنّما ترك كلام الله وراء ظهره، فالله تعالى يقول: {وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ (١٦)} [النّور] أو ردّ القرآن الكريم، لأنّ الله يقول: {يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (١٧)} [النّور] فمن وقع في ذلك فقد وقع بين مخالفة الله وردّ كلامه تبارك وتعالى.

أخرج البخاري عن عروة عن عائشة أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطب النّاس فحمد الله وأثنى عليه، وقال: " ما تشيرون عليّ في قوم يَسُبُّون أهلي ما علمت عليهم من سوء قطّ " (١).


(١) البخاري "صحيح البخاري " (م ٤/ج ٨/ص ١٦٣) كتاب الاعتصام.

<<  <   >  >>