للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عنترة [من الكامل]: فتركته جزر السّباع ينشنه ... (١).

وقوله: {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ} إخبار عن مبتدأ محذوف تقديره: المنافقون صم بكم عمي؛ لأنهم لما لم ينتفعوا بأبصارهم في النظر في ملكوت السماوات والأرض صاروا (٣ /ب) كالأعمى، ولما لم ينطقوا بألسنتهم بالثناء على الله جعلوا بكما، ولما لم يسمعوا ما أنزل الله سماع مقبل كانوا صما؛ لفوات المقصود الأعظم من هذه الخواص، قال الشاعر [من الكامل]:

خلقوا وما خلقوا لمكرمة ... فكأنهم خلقوا وما خلقوا

رزقوا وما رزقوا سماح يد ... فكأنهم رزقوا وما رزقوا (٢)


(١) البيت من معلقته، وعجزه:
يقضمن حسن بنانه والمعصم ويروى:
فتركته جزر السباع ينشنه ما بين قلّة رأسه والمعصم ينظر في الأغاني للأصفهاني (١/ ٢٦٢)، جمهرة أشعار العرب لأبي زيد القرشي (ص: ٢٢٦)، روح المعانى للألوسي (٢٠/ ١٣٣)، الكشاف للزمخشري (١/ ٧٥).
وجزر السباع أي: قتيلا تنتابه السباع، وإنما سموها جزرة؛ لأنها تجزر أي: تقطع أوصالها وتفصل، وأصل الجزر القطع ومنه جزر الماء وهو انقطاعه بعد المد، ولذلك سميت البقاع المرتفعة التي لا يغمرها الماء وسط البحور جزائر. وقلة الرأس: أعلاه. ينظر: غريب الحديث للخطابي (٢/ ٣٩٠).
(٢) البيتان من الشواهد على نوع من أنواع البديع وهو طباق السلب وهو الجمع بين فعلي مصدر واحد مثبت ومنفي أو أمر ونهي كقوله - تعالى: وَلكِنَّ أَكْثَرَ النّاسِ لا يَعْلَمُونَ (٦) يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا فَلا تَخْشَوُا النّاسَ وَاخْشَوْنِ وقول الشاعر:
وننكر إن شئنا على الناس قولهم ولا ينكرون القول حين نقول وقول البحتري:
يقيض لي من حيث لا أعلم النوى ويسري إلي الشوق من حيث أعلم وقول أبي الطيب:
ولقد عرفت وما عرفت حقيقة ولقد جهلت وما جهلت خمولا ينظر البيتان في: الإيضاح في علوم البلاغة للخطيب القزويني (١/ ٣٢٠) ط. دار إحياء العلوم، بيروت، ١٩٩٨ م، خزانة الأدب وغاية الأرب لأبي بكر الحموي (١/ ١٥٩) ط. دار ومكتبة الهلال، بيروت ١٩٨٧ م، تحقيق: عصام شعيتو.

<<  <  ج: ص:  >  >>