للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اعتقادهم في أنفسهم، ومخالفة قولهم فعلهم، وقد أكدوا بهذه الآية جوابهم للمشركين بقولهم: {إِنّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ} وقالوا في جواب المؤمنين: {آمَنّا} غير مؤكد ويسمى الشيء باسم مقابله؛ كقوله: {وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها} [الشورى: ٤٠]. {فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ} [البقرة: ١٩٤]. {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللهُ} [آل عمران: ٥٤] {نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ} [التوبة: ٦٧] كذلك هاهنا {مُسْتَهْزِؤُنَ (١٤) اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ}.

الطغيان: مجاوزة الحدّ؛ كقوله: {لَمّا طَغَى الْماءُ حَمَلْناكُمْ فِي الْجارِيَةِ} [الحاقة: ١١] {اِذْهَبْ إِلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغى} [النازعات: ١٧].

والعمه: التردد والحيرة، ولا يستعمل إلا في البصيرة. وأما العمى فإنه يطلق على فقد البصيرة، وفقد البصر. {اِشْتَرَوُا} استبدلوا، ولما سمى الاستبدال شراء، استعار له الربح في قوله: {فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ}.

والمثل: صفة، فقوله: {مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ} أي: صفتهم كصفة الذي استوقد نارا.

«استوقد» و «أوقد» بمعنى، و «أضاء» يستعمل لازما ومتعديا؛ ف‍ «ما» من قوله: {ما حَوْلَهُ} يجوز أن تكون مفعولة؛ كقول الشاعر [من الطويل]:

أعد نظرا يا عبد شمس فربّما ... أضاءت لك النار الحمار المقيّدا (١)

ويجوز أن تكون ظرفا؛ لأن ما حول المستوقد أماكن. {ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ} بمعنى: أذهبه بخلاف قوله: {فَلَمّا ذَهَبُوا بِهِ} [يوسف: ١٥]؛ لأن المراد هناك: استصحبوه.

و «ترك» بمعنى: صير، فيتعدى إلى مفعولين أحدهما: الضمير، والثاني: المجرور، قال


(١) البيت للفرزدق، ينظر في: ديوانه (١/ ١٨٠)، الأزهرية في الحروف للهروي (ص: ٨٨) مجمع اللغة العربية، دمشق، ١٣٩١ هـ‍ - تحقيق: عبد المعين الملوحي، الدرر اللوامع (٢١/ ٢٠٨)، شرح شواهد الإيضاح (ص: ١١٦)، شرح شواهد المغني (ص: ٦٩٣)، شرح المفضل لابن يعيش (٨/ ٥٧)، وبلا نسبة في: رصف المبانى (ص: ٣١٩)، شرح شذور الذهب لابن هشام (ص: ٣٦١)، قطر الندى لابن هشام (ص: ١٥١) مغني اللبيب لابن هشام (ص: ٢٨٨، ٢٨٧)، همع الهوامع للسيوطي (١/ ١٤٣) ويروى الشطر الأول: أعد نظرا يا عبد قيس لعلما
والشاهد فيه: ورود الفعل «أضاءت» متعديا.

<<  <  ج: ص:  >  >>