للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٦ - حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال أبو القاسم - صلى الله عليه وسلم -: " من أشار إلى أخيه بحديدة فإن الملائكة تلعنه، وإن كان أخاه لأبيه وأمه". (١)

وجه الشاهد: إذا كان حمل السلاح والإشارة به منهياً عنه، بل مجرد الإشارة بحديدة توجب اللعن ولو كان مازحا؛ لما فيها من ترويعه وإفزاعه، فكيف بالقتل والاغتيال عن عمد وترصد.

قال ابن العربي: " إذا استحق الذي يشير بالحديدة اللعن فكيف الذي يصيب بها؛ وإنما يستحق اللعن إذا كانت إشارته تهديدا سواء كان جادا أم لاعبا-كما تقدم- وإنما أوخذ اللاعب لما أدخله على أخيه من الرّوع، ولا يخفى أن إثم الهازل دون إثم الجاد؛ وإنما نهى عن تعاطي السيف مسلولا لما يخاف من الغفلة عند التّناول فيسقط فيؤذي". (٢)

قال النووي: في شرحه لحديث: " من أشار إلى أخيه بحديدة "، قال: " فيه تأكيد حرمة المسلم، والنهي الشديد عن ترويعه، وتخويفه، والتعرض له بما قد يؤذيه، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: " وإن كان أخاه لأبيه وأمه" مبالغة في إيضاح عموم النهي في كل أحد سواء من يتهم فيه ومن لا يتهم وسواء كان هذا هزلا ولعبا أم لا؛ لأن ترويع المسلم حرام بكل حال؛ ولأنه قد يسبقه السلاح، كما صرح به في الرواية الأخرى، ولعن الملائكة له يدل على أنه حرام". (٣)

٧ - حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: " كان النبي - صلى الله عليه وسلم - أحسن الناس، وأجود الناس، وأشجع الناس، ولقد فزع أهل المدينة ذات ليلة فانطلق الناس قبل الصوت، فاستقبلهم النبي - صلى الله عليه وسلم -، قد سبق الناس إلى الصوت وهو يقول: " لن تراعوا لن تراعوا "، وهو على فرس لأبي طلحة عري ما عليه سرج، في عنقه سيف، فقال: " لقد وجدته بحرا أو إنه لبحر". (٤)

وجه الشاهد: في الحديث أهمية السكينة العامة في المجتمع وضرورتها، وأنها عندما اختلت يوما في المدينة سارع النبي ص بنفسه؛ لمعرفة السبب ما يدل على أهميتها عنده ثم رجع مطمئنا أصحابه قائلا لهم على جهة التأنيس والتسكين، لروعهم لن تراعوا، لن تراعوا.

والاغتيالات فيها إقلاق للسكينة العامة، وإثارة للخوف، والذعر في أوساط المجتمع وترويع للآمنين.


(١) صحيح مسلم: كتاب البر والصلة والآداب، باب النهي عن الإشارة بالسلاح إلى مسلم، ج ٤، ص ٢٠٢٠، برقم ٢٦١٦.
(٢) فتح الباري: ابن حجر، ج ١٣، ص ٢٥.
(٣) شرح صحيح مسلم: النووي، ج ١٦، ص ١٧٠.
(٤) صحيح البخاري: كتاب الآداب، باب حسن الخلق والسخاء وما يكره من البخل، ج ٨، ص ١٦، برقم ٦٠٣٣.

<<  <   >  >>