وموضع السوارين". وهذا يشهد لصحة حديث ابن جريج وأن موضع السوار من الذراع مما يلي الكف يعد من الزينة الظاهرة، وهذا مما لم يقل بجواز كشفه للرجال الأجانب الشيخ الألباني ولا غيره من أهل العلم! وهذا يؤكد ما ذكرنا بأن المراد بالحديث بيان ما يحل للمرأة إظهاره لمن يحل له الدخول عليها والنظر إليها دون حجاب من الرقيق ونحوهم، وليس المراد جواز إظهار ذلك لمن يجب عليها الاحتجاب منهم من الرجال الأحرار الأجانب.
لكن الشيخ الألباني ضعَف حديث ابن جريج بما لا يوجب له الضعف، وساقه بلفظ مصحّف لم أجده عند ابن جرير ولا غيره فقال في كتابه جلباب المرأة (ص/٤١): رواه من طريق قتادة: بلغني أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تخرج يدها إلا إلى ها هنا؛ وقبض نصف الذراع". وهذا إسناد منقطع، ثم روي نحوه عن ابن جريج قال: قالت عائشة: خرجت لابن أخي عبد الله بن الطفيل مزينة، فكرهه النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلت إنه ابن أخي يا رسول الله! فقال: "إذا عركت المرأة لم يحل لها أن تظهر إلا وجهها، إلا ما دون هذا". وقبض على ذراع نفسه - ثم قال الشيخ الألباني- والحديث منكر لضعفه من قبل إسناده، ومخالفته لما هو أقوى منه، ألا وهو حديث عائشة من رواية
أبي داود، وكونه أقوى منه، لأن له شاهدا من قوله - صلى الله عليه وسلم - وهو حديث أسماء، وجريان عمل الصحابيات عليه كما سيأتي بيانه، بخلاف هذا، فإنه لا شاهد له يقويه، ولم يجر عليه عمل، فكان منكرا، وفي حديث ابن جريج خاصة نكارة أخرى، وهي مخالفته للقرآن، فإنه صريح في إنكار خروج عائشة أمام ابن أخيها مزينة، والله عز وجل يقول:{ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن} الآية، وفيها:{أو بني إخوانهن}،