كما أنه يوافقه فيما كان من كلامه - صلى الله عليه وسلم - فقال في حديث خالد بن دريك "لم يصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا وأشار إلى كفه ووجهه" وقال في حديث أسماء بنت عميس " ليس للمرأة المسلمة أن يبدو منها إلا هذا وهذا " وقال في حديث ابن جريج "لم يحل لها أن تظهر إلا وجهها وإلا ما دون هذا " فكلها وإن اختلفت ألفاظها إلا أنها متوافقة في المعنى؛ فيصلح حينئذ أن يعتضد كل منها بالآخر. لأنه يصدق عليها حينئذ ما استشهد به الشيخ الألباني من قول ابن تيمية في مجموع الفتاوى (١٣/ ٣٤٨): "فيعلم قطعا أن تلك الواقعة حق في الجملة".
كما أن الروايات قد اتفقت على إظهار الوجه، أما ما يظهر من الكفين؛ ففي رواية خالد بن دريك أطلق جواز إظهار الكفين، وفي رواية أسماء بنت عميس قصر ما يحل إظهاره من الكفين على الأصابع، وفي رواية ابن جريج زاد على الكف مقدار قبضة من الذراع (وقبض على ذراع نفسه، فترك بين قبضته وبين الكف مثل قبضة أخرى) وهو الأرجح لأنه الموافق للقرآن فقد صح عن عائشة، وأبي هريرة، والمسور بن مخرمة؛ في تأويل قوله {إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} أنها (القلب والفتخة). قال جرير بن حازم: القلب السوار، والفتخة الخاتم. كما صح عن ابن عباس وقتادة في تأويلها أنها (الخاتم والمسكة)(١). قال مقاتل بن سليمان (ت ١٥٠ هـ) في تفسيره (٢/ ٤١٧): {إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} " يعنى الوجه والكفين
(١) الطبري في تفسيره (١٨/ ١١٩) المسكة: السوار كما في النهاية ٤/ ٣٣١.