وأما قبول القمر الضوء فمن الشمس تكون الزيادة والنقصان في ضوئه بحسب بعده وقربه منها وذلك أن كل مجسم مستدير فإنما يقع البصر على النصف الذي يواجه البصر منه فقط فنصف كرة القمر التي تواجه الأرض هو النصف الذي يواجه الشمس إذا رأينا القمر ممتلئ الضوء وذلك يكون في أوقات انتصاف الشهر القمري فإذا كان النصف الذي يواجه الأرض خلاف الذي يواجه الشمس وكان الذي يواجهها هو النصف الباقي لم نر فيه شيئاً من الضوء ويكون ذلك وقت المحاق وفيما بين ذلك فإنما نرى الضوء فيه بحسب ما يقع في النصف الذي يواجه الأبصار من النصف الذي يواجه الشمس من النور وهو كلما بعد عن الشمس من وقت المحاق كثر الضوء فيه ويزيد إلى أن يقابلها على قريب من قطر الفلك فيمتلئ الضوء فيه ثم يبدأ بالنقصان كما كان بالزيادة إلى أن يضمحل في آخر الشهر. ونرسم مثال ذلك دائرة لفلك القمر على مركز ي وقطر ز ن ونمد قطر ز ن إلى نقطة ب ونتخذ نقطة ب مركزاً وندير عليه دائرة للشمس على قطر اج ولتكن نقطة ي مركز الأرض وخط ب ي بعد الشمس عن الأرض في القوة ونتخذ نقطة ن من الفلك القمري المائل مركزاً وندير عليه دائرةً للقمر لوقت الاجتماع حيث يكون مركز دائرته تحت مركز دائرة الشمس في السمت أعني على الخط الذي يجوز على مركز الشمس والأرض ثم يبعد مركز دائرة القمر عن نقطة ن في فلكه بحسب مسيره في اليوم أو في أكثر من اليوم أو أقل إلى أن ينتهي إلى المقابلة فيكون مركز دائرته نقطة ز ونجعل مراكز دواير القمر فيما بين نقطتي ز ن على علامة د يتلو بعضها بعضاً. ونخرج من طرفي قطر الشمس الذات هما علامتي اج خطوطاً إلى دواير القمر كلها يماس كل دائرة منها خطان على طرفي قطر دائرة القمر ونرسم عليها في جميع الدواير علامتي ك ط ونصل بين نقطتي ك ط من كل دائرة بخط يجوز على مركز د فنحمر فيه النصف المضيء الذي يواجه الشمس من دائرة القمر ونطمس النصف الآخر الذي لا تراه الشمس ثم نخرج من نقطة ي التي لمركز الأرض إلى كل دائرة من دواير القمر خطين يماسان دائرة القمر ونرسم على موضع المماسة من كل دائرة علامتي م ل ونصل بينهما بخط يجوز على نقطة د من كل دائرة فنجد النصف الذي يقع عليه البصر من تلك الدائرة وهو النصف الذي يواجه الأرض فبحسب ما يقع في هذا النصف الذي يواجه الأرض ويقع عليه البصر من النصف المضيء الذي يواجه الشمس يكون مقدار الضوء الذي يرى في القمر فبين في هذا الشكل أن نقطتي م ل في دائرة القمر عند المحاق تقعان في موضع نقطتي ك ط فإذا بعد القمر عن الشمس وقع من نصف دائرته الذي يواجه الشمس في النصف الذي يواجه الأرض قطعة صغيرة فكلما زاد بعده عن الشمس زاد عظم القطعة إلىأن ينتهي ربع الشهر فيكون النصف مقدار النصف من النصف الذي يواجه الأرض ثم لا تزال القطعة تعظم وتزيد على ذلك المقدار إلى أن يقابل القمر الشمس فيكون النصف الذي يواجه الشمس كله هو الذي يواجه الأرض فتصير نقطتي م ل في موضعي ك ط وسنصور هذا الشكل ونوقع فيه عشر دواير للقمر يكون بعد القمر عن الشمس في كل دائرة من التسع دواير التي بعد دائرة الاجتماع عشرين جزءاً من أجزاء نصف الفلك ويصير شكل الضوء في دائرة القمر على حسب مقادير هذه الأبعاد عن سمت موضع الشمس الذي هو نقطة ب وإذ ذلك كذلك فقد وضح في هذا الشكل زيادة ضوء القمر ونقصانه على الجهة التي ترى في بسيط الدائرة وأما في المجسم المستدير فإن ضعف كل قطعة لأن زاويته على الجهة الكرية على خلاف هذا الشكل وسنمثله فيما يستأنف إن شاء الله تعالى وبالله التوفيق. وقد تبين بما قد ظهر أن بالمقدار الذي به تكون دائرة القمر التي يرى فيها الضوء كاملاً خمسة عشر فبه يكون كل اثني عشر جزءاً من بعده عن الشمس جزءاً واحداً إلى تمام قف التي تستكمل الخمس عشرة كلها وإذا كانت دائرة القمر يب جزءاً كان كل خمسة عشر جزءاً من البعد جزءاً واحداً من أجزاء الضوء وعلى هذه النسب رسمنا الدائرتين وبيناهما إن شاء الله تعالى.